السؤال
امرأة عندها حلي خاص بزينتها، وعندها بنتان وولد, وهذا الولد متزوج, وعنده ابنتان، فقامت الأم وجمعت أولادها الثلاثة وأوصتهم - إذا توفاها الله - أن يقسموا بينهم الذهب كالتالي:
1. جزء - حددته الأم - تتقاسمه البنتان بينهما فقط.
2. جزء - حددته الأم أيضًا - يتقاسمه أولادها الثلاثة جميعهم.
3. جزء - حددته الأم كذلك - أوصت به لبنات ابنها, فهل ما فعلته صحيح وجائز شرعًا؟ وما الذي ينبغي عليها فعله إذا كان ما فعلته غير صحيح؟ وما معنى: "لا وصية لوارث"؟
وهل الوصية لأولاد الولد جائزة أم تدخل في هذا الحديث؟
أفيدونا مأجورين، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 113951 معنى حديث: " لا وصية لوارث ", وأن المقصود منه أنه لا يصح أن يوصي الشخص بماله أو بجزء منه لأحد الذين يرثونه بعد موته؛ كابنه, أو زوجته؛ لأن هؤلاء ورثة، وقد جعل الله لهم نصيبًا معلومًا من التركة لا يزاد عليه, ولا يأخذون أكثر منه، وعند بعض العلماء أن المنفي عدم اللزوم, أي: ليست وصية لازمة يجب على المرء أن يوصي بها، فإذا أوصى لا تنفذ إلا بإجازة باقي الورثة, وهذا قول الجمهور, كما في الفتوى رقم: 170967.
والوصية المشار إليها في السؤال تعتبر وصية لوارث ولغير وارث, فيمضي منها ما كان لغير الوارث في حدود الثلث, ولا يمضي منها ما كان للوارث شيء إلا برضا بقية الورثة, جاء في المدونة: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَغَيْرِ وَارِثٍ, فَقَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَحَدُهُمَا وَارِثٌ وَمَعَهُ وَرَثَةٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا نَصِيبُ الْوَارِثِ مِنْ ذَلِكَ فَبَاطِلٌ يُرَدُّ إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْوَارِثِ فَلَهُ نَصِيبُهُ. اهــ
فوصيتها ببعض الذهب لبنتيها وببعضه الآخر لهما ولابنها هذه وصية لوارث, وليست ملزمة, ولا تمضي إلا برضا الورثة جميعًا, فإذا رضي الابن وبقية الورثة - إن كان ثم ورثة آخرون - بإمضائها فذاك, وإلا قُسم الذهب كله بين الورثة القسمة الشرعية.
ووصيتها ببعض الذهب لبنات ابنها تعتبر وصية صحيحة ملزمة فيما لا يزيد على ثلث تركتها؛ لأنها وصية لغير وارث, فينظر في ذلك المقدار من الذهب الذي أوصت به لهن - لبنات الابن - فإن كان لا يزيد على ثلث كل التركة أخذ بنات الابن ذلك الذهب الموصى به لهن, وإن كان يزيد على ثلث كل التركة لم يأخذن من الذهب إلا مقدار الثلث, وما زاد عن الثلث لا بد لإمضائه من رضي بقية الورثة, قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. اهــ .
ويشترط لصحة رضى الوارث أن يكون بالغًا رشيدًا, فإن كان صغيرًا أو غير رشيد احتفظ له بنصيبه, ولا عبرة برضاه إن رضي, وانظري الفتوى رقم: 170967 عن مذاهب العلماء في الوصية للوارث, وكذا الفتوى رقم: 121878.
والله تعالى أعلم.