الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقت به فتاة وتريده زوجا وأهله يرفضون زواجه قبل إتمام دراسته

السؤال

عمرى 21 سنة، منذ عامين تعرفت على فتاة عن طريق الانترنت، وكانت في كرب شديد وبنية أن أفرج كربها، وأقسم على ذلك حدثتها وتطورت العلاقة بيننا فتبادلنا أرقام الهاتف ثم بدأنا في الحديث عبر الهاتف.
أبلغت أبويها بصداقتها لي كوني أكبرها وكونها وحيدة أبويها وافقا ولم تستمر كصداقة لفترة طويلة.
ما إن استلطفتها واستلطفتني كانت في الـ 14 وكنت في 19 ولم أكن ممن يتعرفون بالفتيات أبداً حتى في الجامعة أعرف الجميع، ولكن في حدود الدراسة ليس أكثر .
حاولت أن أنهي العلاقة بعد أن تدخل الشيطان بيننا وعصينا الله في حديثنا حتى وصلنا إلى الجماع عبر الهاتف.
وحين قررت أن أنهي العلاقة ازدادت تمسكاً بي كونها ما زالت في مرحلة طفولة، أغلقت هاتفي فترة.
وبعد هذه الفترة فتحت الهاتف فعلمت أنها أصابت قدمها حينما أقدمت على الانتحار، وكان الأطباء على شفا أن يقطعوا قدمها.
لم أستطع تحمل أن أكون سبباً في ذلك، لمتُ نفسي كثيرا بل بكيت أحياناً كإنسان له مشاعر ولا زالت تعاني بسبب ذلك إلى الآن .
هاتفتها مجددا فوجدتها متمسكة بي فعدنا كما كنا .
ثم بعد أن تحسن حالها حاولت مرة أخرى أن أبتعد مرضاة لله أولاً وأخيراً.
فكررت فعلتها وحاولت الانتحار مجدداً .
أهلها عاجزون عن التعامل مع الأمر وأنا كذلك عاجز. هم يقبلون بي زوجاً لها لكن أهلي يرفضون أن أخطو مثل هذه الخطوة قبل السنة الأخيرة من الجامعة وأنا الآن فيها.
للعلم والدتها منتقبة وأبوها رجل ذو شأن، وهي تحفظ كثيرا من القرآن وصاحبة جمال وذات نسب ومال فماذا أفعل ؟
هل أستمر على حالي معها هكذا رغم أنها 16 لكنني لا زلتُ أشعر بطفولتها ؟
أم أقدم على خطبتها ؟ أم أتركها ليحدث ما يحدث ؟
أرجو الإفادة لأنني في موقف يعجز العقل عن تخيله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا هو الذي يخشى أن يكون من عواقب مثل هذه العلاقات الآثمة بين الفتيان والفتيات، وهذا هو المتوقع أن يقودهم إليه الشيطان، فهو يستدرجهم إلى المعاصي استدراجا، ولذلك حذر رب العزة والجلال من استدراجه فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}. فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة النصوح . وانظر الفتوى رقم: 5450. ففيها بيان شروط التوبة. ولا يجوز لك الاستمرار معها في هذه العلاقة المحرمة بحال، بل يجب عليك قطعها.

وأما الزواج فلو تم فلا شك في أنه الحل، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه سلم أنه قال:" لم ير للمتحابين مثل النكاح" رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما. وإذا كنت راغبا فيها فعلا فيمكنك أن تحاول إقناع أهلك ولو بالعقد لك عليها مع تأخير الدخول، لتكون لك زوجة شرعا. فإن تم ذلك فالحمد لله، وإن أصر الأهل على الرفض، وكان الرافض لذلك الوالدان فالأصل وجوب طاعتك لهما ما لم يعارض ذلك مصلحة راجحة كأن تخشى على نفسك الفتنة. وراجع الفتوى رقم: 93194. هذا مع التنبه إلى أن الغالب في الوالدين الشفقة على ولدهما وحرصهما على ما فيه مصلحته.

وإن صح ما ذكرت من محاولة هذه الفتاة الإقدام على الانتحار فهذا منها تصرف خطير ، وكيف يليق بفتاة تحفظ كثيرا من القرآن أن تفكر مجرد تفكير فضلا عن أن تقدم على مثل هذا الفعل الشنيع والذي فيه خسران الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، ولتراجع الفتوى رقم: 10397. فينبغي أن تنصح في هذا بلطلف ولين، وبالحكمة والموعظة الحسنة. وعلى والديها خاصة توجيهها الوجهة الحسنة، لا سيما وقد ذكرت عنهما بعض الصفات الطيبة. ولكن في المقابل ذكرت عنهما أمرا نستغربه، وإن حدث فعلا فهو تساهل منهما ، والحزم فيه ابتداء كان من الممكن أن يحول دون وقوع كل ما وقع، نعني هنا ما ذكرت من إقرارهما صداقتها لك حين أخبرتهما بذلك. وهذا نوع من الدياثة تجب التوبة منه. وتراجع الفتوى رقم: 56653.

بقي أن نبين أنها لو أقدمت على الانتحار بالفعل فتكون قد ارتكبت حماقة كبرى، وهي التي جنت على نفسها حين أقامت معك هذه العلاقة وأقدمت بسببها على الانتحار فلا يلحقك إثم إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني