الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفيت عن زوج وابنين وبنتين

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
-للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 2
(زوج)
-للميت ورثة من النساء:
(بنت) العدد 2
- إضافات أخرى:
أنا فتاة عمري 23 سنة، توفيت أمي منذ 8 سنوات وتركت ذهبا، وكانت- رحمها الله-متزوجة من رجل قبل أبي، وأنجبت ولدين، وبنتا. وبالتالي فهم إخوة لي من الأم، غير أشقاء.
وقد اشترت الذهب من مال أبي، وبعض الذهب كانت تكتبه باسمي عند الصائغ في الفاتورة.
عند وفاتها كان عمري 15 سنة، أختي طالبت بتوزيع الذهب بيننا، لكنه لم يوزع على أساس أن الذهب اشتراه أبي لأمي فهو من حقي.
يا شيخ عندي حيرة هل أخذت حقا ليس حقي أم ماذا؟
وإن كان لا بد من توزيعه هل علي كفارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لأمك، وبخصوص توزيع تركتها فهو كما يلي:

1ـ للزوج الربع؛ لوجود فرع وارث لزوجته المتوفاة؛ قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}.

والباقي للأولاد ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين، وتقسم التركة على ثمانية أسهم للزوج ربعها " سهمان "، ولكل ابن سهمان، ولكل بت سهم واحد.

وهذه صورتها :

التركة 4×2 8
الزوج 1 2

الأبناء 2

البنات 2

2

1

4

2

وبخصوص الإضافات المضافة بعد ذكر الورثة فبيان حكمها كما يلي:

1ـ بخصوص الذهب الذي اشترته أمك من مال أبيك، فإن كان المال المذكور هبة من أبيك لأمك وحازتها، فقد صار ملكا لها، وبالتالي فيكون من جملة تركتها، ويقسم بين ورثتها بمن فيهم السائلة.

وإن كانت أمك قد اشترت الذهب من مال أبيك بغير إذنه، ولم يهب لها ثمن الذهب، فإنه يكون ملكا لأبيك إن كان حيا، ولورثته إن كان ميتا.

2ـ بخصوص الذهب الذي سجلته أمك باسمك عند الصائغ، فإن كان هبة، وحازتها لك، فقد اختلف في صحة ذلك، فقال البعض إنها لا تصح، وذهب بعضهم إلى صحتها إذا كانت الأم وصية عليك.

جاء في مطالب أولى النهى للرحيباني الحنبلي: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِي صَبِيٍّ وُهِبَتْ لَهُ هِبَةٌ، أَوْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ، فَقَبَضَتْ الْأُمُّ ذَلِكَ وَأَبُوهُ حَاضِرٌ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لِلْأُمِّ قَبْضًا، وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْأَبِ. انتهى.

وفي النوادر لابن أبي زيد القيرواني المالكي: ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، وأشهب في اليتيم: إن لم تكن الأم وصية فلا حيازة لها على الولد. والسلطان يحوز لهم، أو من يوليه. أو تخرجه الأم من يدها إلى يد غيرها، فيتم ذلك لهم. وإن كانت وصية جازت وصيتها عليهم. قالا: ولا تحوز الأم ولا غيرها صدقة نفسها على ابن، أو غيره، إلا أن تكون وصية من أب أو وصي. وكذلك روى أشهب عن مالك،/ وقال: إذا حازه وليهم جاز، تصدقت به الأم، أو أجنبي. قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: حيازة الأم على اليتيم الصغير، حيازة فيما وهبته له، أو وهبه له أجنبي. وكذلك من ولي يتيما على الحسبة من الأجنبي، أو على وجه القرابة من القريب، فحيازته له جائزة، فيما وهبه له هو أو غيره. وإن كان إنما ابتدأ ولايته من يوم الصدقة فذلك باطل. وقاله ابن نافع وأصبغ. وأباه ابن القاسم فيهما إلا أن يكونا وصيين. انتهى.

ثم في حال صحة الحيازة، فإذا ماتت الأم بعد بلوغك وأنت رشيدة، ولم تحوزي الذهب، فقد بطلت الهبة لعدم الحوز. وراجعي الفتوى رقم: 106100.

وفي حال بطلان الهبة لعدم الحيازة، فإن الذهب يعتبر وصية لوارث، فإن أمضى جميع الورثة الهبة فهي نافذة، وإن ردوها بطلت. وفي هذه الحالة لا بد من إعادة توزيع الذهب وإعطاء كل ذي حق حقه، فإن حصل ذلك برئت ذمتك، وليس عليك كفارة على كل حال.

ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني