السؤال
الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال:
(أخ شقيق) العدد 3
- للميت ورثة من النساء:
(أخت شقيقة) العدد 3
- إضافات أخرى:
فضيلة الشيخ: عندي سؤال تركني في حيرة من أمري، وأنا واللهِ خائفة جدًّا، أرجوكم أعيروا سؤالي اهتمامًا ولكم جزيل الشكر.
توفيت خالتي - رحمها الله - بعد أن باعت بيتها, وأعطتني كل مالها, وهي في كامل قواها العقلية، وسكنت معنا بالبيت لأنه لا زوج لها ولا أولاد، وبعد مدة قصيرة مرضت وأصبحت طريحة الفراش, وأصيبت بخلل في الذاكرة، فلم تعد تعي شيئًا، فقمت بكل ما يلزمها من شراء الأدوية، وكنت أعطي مبلغًا قليلاً من المال لأبي مقابل جلوسها معنا؛ لأنه ليس بميسور الحال، وهذا كان دائمًا من مالها، مع العلم أنها وهي في وعيها طلبت مني أن أتصرف في المال في جميع متطلباتها، وبعد أن توفيت قمت بما يلزم الدفن وإطعام الأقارب الذين جاؤوا من مدن بعيدة، وبعد شهر ونصف قمت بعشاء دعوت له جميع أهلها المتواجدين بنفس المدينة بنية الصدقة عنها، وكل هذا من مالها، هل أذنبت بتصرفي هذا؟
وهل عليّ أن أرجع المال كما أخذته، فلدي مالي الخاص؟
ولمن أعطي هذا المال؟ أأنفقه في صدقة جارية لها؟ أم أعطيه للورثة, فلها على قيد الحياة أخ وأختان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فمن توفي عن ثلاثة أشقاء وثلاث شقيقات ولم يترك وارثًا غيرهم فإن تركته لهم تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى في آية الكلالة { ... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } النساء: 176, فتقسم التركة على تسعة أسهم, لكل أخ شقيق سهمان, ولكل أخت شقيقة سهم واحد.
وأما المال الذي ذكرت السائلة أن خالتها أعطته لها بعد بيع البيت إن كانت تعني أنها أعطته لها على أنه وديعة عندها – وليس هبة - وتنفق منه عليها كما يفهم من قول السائلة (وهي في وعيها طلبت مني أن أتصرف في المال في جميع متطلباتها) فهذا المال يعتبر تركة يرثه عنها ورثتها, ولا يجوز للسائلة أن تتصرف فيه بإطعام ونحوه, بل الواجب عليها دفعه للورثة, وما أنفقته من المال من غير إذن الورثة وجب عليها ضمانه لأنه تصرف في مال الغير بلا ولاية ولا نيابة عنه, وقد نص الفقهاء على ضمان الوديعة بالتعدي أو التفريط, جاء في الموسوعة الفقهية:
الأْصْل فِي الْوَدِيعَةِ: أَنَّهَا أَمَانَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي ائْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}, وَأَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ فِي الْوَدِيعَةِ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلأِنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا فَلَوْ ضُمِنَتْ لاَمْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الدُّخُول فِيهَا، وَذَلِكَ مُضِرٌّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَيَضْمَنُ الْوَدِيعُ فِي حَالَيْنِ: الأْوَّل: إِذَا فَرَّطَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ؛ لأِنَّ الْمُفَرِّطَ مُتَسَبِّبٌ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهَا. الثَّانِي: أَنْ يَتَعَدَّى الْوَدِيعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ؛ لأِنَّ الْمُتَعَدِّيَ مُتْلِفٌ لِمَال غَيْرِهِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ إِيدَاعٍ. اهــ .
وإن كانت السائلة تعني أن خالتها وهبتها المال ولم تعطه لها على أنه وديعة فإن السائلة مطالبة بالبينة على هذا الادعاء ما دامت تقر أن أصل المال لخالتها, فإن أقامت بينة أو صدقها الورثة فالمال لها, وإن لم تُقم بينة ولم يصدقها الورثة وجب عليها دفع المال للورثة وضمان ما أنفقته بغير إذنهم.
والله تعالى أعلم.