السؤال
لي بعض القرابة هنا بالمملكة، وهم قريبون مني جدًّا، ولكن عند زيارتي لهم، يوقعون بيني وبين أبي، أيًّا كانت نوع الزيارة، فهل يغني عن زيارتهم السؤال عنهم بالهاتف؛ تجنبًا لمشاكلهم الكثيرة، والتي لا تنتهي أبدًا؟ أفتوني في أمري -جزاكم الله خيرًا.
لي بعض القرابة هنا بالمملكة، وهم قريبون مني جدًّا، ولكن عند زيارتي لهم، يوقعون بيني وبين أبي، أيًّا كانت نوع الزيارة، فهل يغني عن زيارتهم السؤال عنهم بالهاتف؛ تجنبًا لمشاكلهم الكثيرة، والتي لا تنتهي أبدًا؟ أفتوني في أمري -جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرحم أمرها عظيم في الإسلام، ونصوص الشرع متضافرة على وجوب صلتها، وتحريم قطعها، ويكفي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري، ومسلم من حديث مطعم -رضي الله عنه-. والمراد بالقاطع: قاطع الرحم، فلا تقطع صلتك بأقاربك، ولو كانت معاملتهم لك سيئة، فالله يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}.
وقد جاء رجل يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة أقاربه له، فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير، ما دمت على ذلك. رواه مسلم، وأحمد، وأبو داود. والمل هو: الرماد الحار.
واعلم أنك إذا اتقيت الله فيهم، وصبرت على أذاهم، فإنه لن يضرك كيدهم، فالله جل وعلا يقول: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا {آل عمران:120}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق، وعدل، ولم يتعد حدود الله، وصبر على أذى الآخر، وظلمه، لم يضره كيد الآخر؛ بل ينصره الله عليه. انتهى.
فإذا خشيت على نفسك، وأردت اجتناب مشاكلهم، فقم بالواجب من صلتهم، وعدم قطعهم، وهو أن لا تهجرهم، فيكفيك في ذلك أن تتصل بهم بالهاتف، والسؤال عنهم، والسلام عليهم، ولا حرج عليك بعد ذلك، قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات، بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام، ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة، والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها، لم يسم قاطعًا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له، لم يُسَمَّ واصلًا. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني