السؤال
أنا شاب مقبل على الزواج، وقد تم تحديد موعد الزواج بشكل تقريبي في الشهر التاسع، إلا أن ما أملكه من مال قد لا يكفي لتكاليف الزواج (إيجار منزل، فرش، مصاريف حفل الزفاف) و لذلك فقد أضطر إلى أن أقترض بعض المال.
ولقد اشتريت الذهب المتفق عليه مع أهل العروس، إلا أن هذا الذهب لا يزال عندي لأنني لم أعقد عليها بعد، لأننا اتفقنا أن يكون العقد قبل الزواج بفترة قصيرة، و لكني اشتريته بسبب تقلب أسعار الذهب و خاصة في سوريا بسبب الأزمة التي يمر بها البلد، كما أني لا أستطيع حالياً شراء أثاث المنزل لأنه لا يوجد مكان لوضعه فيه، ولا أستطيع كذلك أن أستأجر بيتاً حالياً لأنني سوف أدفع إيجار أشهر عديدة قبل أن أسكن المنزل، وهذا يعتبر مصروفا إضافيا أنا في غنى عنه.
و سؤالي هو: أني منذ سنتين بلغ مالي النصاب (وفق سعر الذهب في ذلك الزمان) و أخرجت زكاته العام الماضي و لكني لم أخرجها بعد في هذا العام (فلقد أحصيت مالي في تاريخ إخراج الزكاة و هو بداية الشهر الرابع ورأيته بالغاً النصاب) لأني في حيرة من أمري فأنا لا أعرف إن كانت الزكاة تجب في مالي و الوضع كما ذكرت آنفاً، وهل تجب الزكاة في الذهب الذي اشتريته لأهبه لزوجتي إذا تم الزواج كما هو متفق عليه (علماً أنه إذا كانت لا تجب فيه الزكاة فإن ما أملكه من مال لا يبلغ النصاب) ، و مبلغ الزكاة ليس كبيراً نسبياً بحدود(8000 ليرة سورية) و لكن المشكلة ليست في المبلغ بحد ذاته ولكن في حاجتي إليه لأتمم مصاريف العرس وتجهيز البيت.
وإن كانت تجب الزكاة في مالي فهل أعتبر آثماً لتأخيرها عن بداية الشهر الرابع؟ و هل تجب علي أي كفارة في هذه الحالة؟ وهل أخرجها وفق ما كان عندي من المال في بداية الشهر الرابع وسعر الذهب في ذلك الوقت أم وفق ما هو معي بعد قراءة الفتوى، كما أن لي بعض الديون على بعض أقاربي فهل تجب فيها زكاة كذلك؟
أفتوني في أمري جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمور ننبهك عليها أولا: منها أن الحول يحسب بالتاريخ الهجري لا الميلادي، ومنها أن النصاب للعملات الورقية ليس مقدرا بالذهب خاصة ولكنه يقدر بأقل النقدين: الذهب والفضة قيمة، والنصاب من الذهب خمسة وثمانون جراما من الذهب الخالص تقريبا، ومن الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراما من الفضة الخالصة تقريبا. فإذا بلغ المال الذي يملكه الشخص ما يشترى به أحد هذين النصابين وجبت فيه الزكاة إذا حال عليه الحول. فالمال الذي تملكه إذا كان بالغا نصابا وحال عليه الحول الهجري وهو في ملكك فإن زكاته واجبة عليك، ولا يجوز لك تأخير إخراجها بعد استقرار وجوبها عليك بل تجب عليك المبادرة بأدائها، ولا كفارة عليك في تأخير إخراجها إلا التوبة إلى الله تعالى والمبادرة بأداء ما وجب عليك من حق، وانظر الفتوى رقم 129871. وكونك ترصد هذا المال لشراء ما تحتاج إليه لا يمنع من وجوب الزكاة فيه لأنه مال زكوي حال عليه الحول، وانظر الفتوى رقم 165091. وما لك من ديون فهو مال مملوك لك تجب عليك زكاته، ولكنك مخير على الراجح بين أن تزكيه عند حولان حوله وبين أن تزكيه عند قبضه لما مضى من السنين، وانظر الفتوى رقم 119194 ورقم: 119205. كما أن الذهب الذي اشتريته لمخطوبتك تجب زكاته عليك إذا كان بالغا النصاب ولو بانضمامه إلى غيره؛ لكونك أنت المالك له وتعده لتدفعه صداقا؛ وقد صرح فقهاء الشافعية بأن الحلي المعد ليباع عند الحاجة تجب زكاته.
قال البجيرمي في حاشيته على شرح المنهج: (قَوْلُهُ: أَوْ كَنْزَهُ) -يعني الحلي فتجب زكاته- أَيْ بِأَنْ اتَّخَذَهُ لِيَدَّخِرَهُ وَلَا يَسْتَعْمِلَهُ لَا فِي مُحَرَّمٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا لَوْ ادَّخَرَهُ لِيَبِيعَهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى ثَمَنِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَة. انتهى.
واتخاذه بنية جعله صداقا هو اتخاذ للمعاوضة فتجب فيه الزكاة فيما يظهر. كما أن فقهاء المالكية يوجبون الزكاة في الحلي المعد لأن يكون صداقا.
ففي مختصر الشيخ خليل مستثنيا من الحلي الذي لا يزكى يقول: إلا محرما, أو معدا لعاقبة, أو صداق...
قال الشيخ عليش في منح الجليل: ( أو ) معدا لـ ( صداق ) لمن يتزوجها ففيه الزكاة. اهـ.
والله أعلم.