السؤال
والدي متزوج من امرأة أخرى على أمي، ومنذ ولادتي لا أرى والدي إلا في المناسبات، وأمّي وأبي غير مطلقين، ولكنه لا يعدل بين أمي وزوجته الثانية، ولا يعدل بين أولاده، مع العلم أنه رجل تقيّ، وكل فروضه في المسجد، وبار بوالديه، ولم أر مثله أبدًا، ولكني في نفس الوقت أكرهه؛ لما يفعله بوالدتي، وأنا في حيرة، وأريد أن أصله وأبره، ولكني لا أقدر؛ لما فعله بنا وبوالدتي، وإذا اتصلنا عليه يتهرب منا، فما جزاء هذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك لا يعدل بين زوجتيه، فهو ظالم، فقد أوجب الشرع العدل بين الزوجات، وحرم إيثار الزوجة على ضرتها، فيما يجب فيه العدل بينهن، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود، والترمذي.
وكذلك لا يجوز له أن يقطع أولاده، ولا يرد على اتصالاتهم؛ فإن ذلك قطع للرحم.
ولا يجوز أن يفضّل بعض أولاده على بعض، دون مسوغ، وانظر في ذلك الفتوى: 6242.
لكن مهما كان حال الوالد، فإن حقه في البر لا يسقط، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين، الذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظر الفتوى: 3459.
فالواجب عليك بر والدك، والإحسان إليه.
ومن البر به: أن تنصحه، على قدر استطاعتك، أو تستعين ببعض الصالحين من الأقارب ممن يقبل نصحهم، وتبين له وجوب العدل بين زوجاته، وتحذره من عاقبة الظلم، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ التحذير من ظلم المرأة، فقال صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ. رواه ابن ماجه.
لكن ذلك لا بدّ أن يكون برفق، وأدب، من غير إساءة، ولا إغلاظ في الكلام، وانظر في ذلك الفتوى: 134356.
وينبغي أن لا تستسلم لمشاعر الكراهية نحو والدك، وأن تنظر إلى الجوانب الطيبة من أخلاقه، وسلوكه، لكن إذا قمت بما يجب عليك تجاهه من البرّ، فلا تضرك هذه الكراهية ـ إن شاء الله -.
والله أعلم.