السؤال
جرت العادة في بلدنا ليبيا أن العزاء يمتد لما بعد ثلاثة أيام، فيستمر أهل الميت وأقاربه بالحضور لبيت العزاء لمدة طويلة فيقيمون بما يعرف بأسبوع العزاء، ويجتمعون كل خميس، ويجتمعون في الأربعين وغيره، وأسئلتي هي كالتالي:
1ـ هل العزاء واجب؟ ولمن؟ وهل يجوز اللوم والغضب من الناس إن لم يعزوا أهل الميت؟.
2ـ هل التجمع في الأسبوع والأربعين وما شابهها حلال أم يجب اجتنابه؟ وهل من المستحب حضور هذه التجمعات منعا لغضب أهل الميت، فمثلا والدة زوجي تتكدر من عدم حضور مثل هذه التجمعات، وترى أنها مرتبطة بقدر الميت؟ فهل أرضيها أم الأولى أن أمتنع تجنبا للوقوع في البدعة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعزية مستحبة غير واجبة، ولم يقل بوجوبها أحد من العلماء ـ فيما نعلم ـ وتكون لكل من أصيب بمصيبة، جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِحْبَابِ التَّعْزِيَةِ لِمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ. انتهى.
ومن ثم، فلا لوم على من تركها ولا يلحقه بتركها إثم غير أنه يفوته الثواب بتركها، وقد كره جمهور الفقهاء التعزية بعد ثلاث لما فيه من تجديد الحزن وإظهار الجزع، جاء في الموسوعة الفقهية: جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ التَّعْزِيَةِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِإِذْنِ الشَّارِعِ فِي الإْحْدَادِ فِي الثَّلاَثِ فَقَطْ، بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ـ وَتُكْرَهُ بَعْدَهَا، لأِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا سُكُونُ قَلْبِ الْمُصَابِ، وَالْغَالِبُ سُكُونُهُ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ، فَلاَ يُجَدَّدُ لَهُ الْحُزْنُ بِالتَّعْزِيَةِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ـ الْمُعَزَّى أَوِ الْمُعَزِّي ـ غَائِبًا فَلَمْ يَحْضُرْ إِلاَّ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ، فَإِنَّهُ يُعَزِّيهِ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ. انتهى.
وأما ما يفعله الناس في كثير من بلاد المسلمين من الجلوس للتعزية في الخميس والأربعين ونحو ذلك فلا ريب في كونه من المحدثات الواجب تجنبها، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: أما التعزية فمشروعة، كونه يزور أخاه يعزيه في البيت، أو في الطريق أو في المسجد أو في الدكان أو في المزرعة لا بأس، يزوره إخوانه يعزونه في أبيه، في أخيه، في أمه لا بأس، أما أن يتخذ لذلك طعاما، يصنعن طعاما لهم، أو يتخذ قراء يقرؤون للميت أو أشياء أخرى تفعل من أجل الميت عند الموت، أو على رأس الأسبوع، أو بعد الأربعين يوما، أو على رأس السنة فكل هذا لا أصل له. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: هذه من البدع التي يصنعها بعض الناس إذا تم الميت أربعين يوماً أقاموا له مأتماً يجتمعون فيه إلى بيت الميت ويقرؤون القرآن وينيرون المكان وهو في الحقيقة من باب تجديد الحزن المنهي عنه. انتهى.
وبه تعلمين أن عليك ألا تحضري هذه المجالس وإن غضبت أم زوجك، بل ينبغي أن تترفقي بها وتناصحيها وتبيني لها أن هذا الأمر مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي هديه أحسن الهدي، وتشرحي لها بلين ورفق خطأ اعتقادها أن هذه المجالس لها تعلق بقدر الميت، بل هذه المجالس قد تكون سببا لتعذيب الميت لما قد يحصل فيها من النياحة والبكاء عليه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بأن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ولا تتساهلي في هذا الأمر إرضاء لأحد، فإن الله تعالى أحق أن يرضيه المؤمن.
والله أعلم.