السؤال
أنا طبيب أعمل في مؤسسة حكومية طبية في بلد خليجي، وهي تعطيني راتبا جيدا ومن ضمن الامتيازات التي تقدمها المؤسسة هي السماح للطبيب بالذهاب إلى أي بلد لحضور مؤتمر طبي لمدة خمسة أيام، ولأن البدل المادي التي تعطيه المؤسسة للموظف في حال سفره إلى بلد أجنبي غير مسلم مثل أمريكا وبريطانيا أعلى بكثير مما لو ذهب إلى مؤتمر طبي في بلد عربي، فإن كثيرا من الأطباء يذهبون إلى البلاد الأوربية متجاهلين مسألة الدين، والبعض يقول إن بعض البلدان التي ذهب إليها كان فيها هناك مسجد للجالية الإسلامية ومطعم يعد لحما مذبوحا على الطريقة الإسلامية، وقد ذهبت إلى بلد أمريكي وأكلت خطأ من لحم غير مذبوح على الطريقة الإسلامية، وفي الحقيقة إن العلم الذي يقدموه في هذه المؤتمرات لا يضيف شيئا جديدا إلى علم الطبيب وإنما الفائدة الرئيسية من هذه المؤتمرات هو الحصول على نقود إضافية فوق الراتب. فهل يجوز لي الذهاب كمسلم لهذه البلاد غير المسلمة مع العلم أني أستطيع الذهاب إلى بلاد مسلمة لأجل المؤتمر ولكن بتعويض مادي قليل ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المؤتمر المنعقد في بلاد غير إسلامية يوجد نظيره في بلاد إسلامية فلا يجوز للمسلم حينئذ السفر للبلاد غير الإسلامية لعدم الحاجة والفارق المادي لايبيح له ذلك، والأصل الشرعي عدم جواز السفر إلى بلاد الكفر لغير حاجة كما بينا في الفتوى رقم : 44943 .
لكن لو كان في المؤتمر المنعقد في بلاد الغرب فوائد علمية وإضافات لا توجد في المنعقد بالبلاد الإسلامية فلا حرج في حضوره. والمتبادر أن مقصد جهة العمل من هذا كله هو تكوين الإطباء وإثراء خبراتهم المعرفية بما هو جديد في مجال تخصصاتهم وقد ينتفع طبيب من مؤتمر بمالا ينتفع به غيره، والبعض يسافر لأجل الكسب المادي المقرر من قبل جهة العمل فقط والبعض يسافر حرصا على المعرفة والاحتكاك بأصحاب الخبرة. وهكذا فلا يمكن تعميم الحكم بعدم الفائدة المطلقة من المؤتمرات التي تعقد هنا أوهناك .
وعلى كل فإن كانت جهة العمل تمنح البدل عند مشاركة الطبيب في مؤتمر ما دون اشتراط عدم وجود نظير له أقل منه تكلفة فيباح له البدل عند المشاركة فحسب، لكن على الأطباء الذي يختارون السفر للمشاركة في بلاد الغرب أن يتقوا الله تعالى فيما يأتونه وليحفظوا دينهم وأنفسهم من الفتن .
وأما لو كانت جهة العمل تشترط حاجة الطبيب إلى ما سيقدم في المؤتمر أوعدم وجود مؤتمر مواز له في دولة عربية ونحو ذلك فلا بد من مراعاة شروطها وإلا حرم التحايل عليها .لقوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}. وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي.
والله أعلم.