السؤال
زوجي قال لي: أنت طالق بالثلاث ومحرمة علي كأختي إن تجاوزتيني أي (تصرفت أي تصرف دون استشارتي) أو فعلت شيئا من خلف ظهري، أي لا يرضيه، أو نقلتِ أي شيء يحدث في منزلنا إلى أحد خارجه، وكان هذا الحلف بسبب أنني قلت لأمي ما تحدثت به قريبة زوجي عنها لكي تتجنبها. هذا ما أذكره من الذي قاله، لأننا كنا نتشاجر، ولكن اليوم أصبحت أشك بكل تصرف مني أنه وقع اليمين وأصبحت مطلقة، لأنني لا أعرف ماذا يشمل هذا اليمين المعقد، وأصابني وسواس قهري من التفكير فمثلا كنت ذات يوم متضايقة من أمه وشكوت لأختي بقصد الفضفضة ثم تذكرت أن هذا الحديث لا يرضيه، فلم أكمل الحديث أو سألتني سؤالا فقلت لها لا أستطيع الإجابه لأننا تشاجرنا وزوجي حلف بطلاق أن لا أنقل شيئا من بيته لأحد وهكذا. فهل وقع طلاق؟ان كان لا فمتى يقع؟؟
ثانيا: زوجي كان قد حلف بالطلاق إن لمست أو فتحت جواله، ثم كان يطلب مني أن أحضره له فكنت ألمسه بعلمه وبطلبه. فهل وقع طلاق؟
ثالثا : زوجي أكثر من مرة سب ولعن الله جل جلاله في لحظة غضب وهو لا يعلم أني أحرم عليه. فهل فسخ عقد النكاح بيني وبينه؟ أفيدوني وادعو له بالهداية جزاكم الله ألف خير وجعله الله في موازين حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أنّ الطلاق -والظهار- المعلق يقع إذا وقع ما علّق عليه، وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به التهديد أو المنع أو نحو ذلك، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظري الفتويين : 19162، 96970
والمرجع في تعيين ما علق الزوج عليه الطلاق والظهار إلى مقصوده بما تلفظ به.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له ......... المغني.
وعليه.. فلتسألي زوجك عن قصده ليحدد لك ما يدخل في يمينه وما لا يدخل، وكذلك الحال في تعليق زوجك لطلاقك على لمس الجوال ، فإن كان يقصد التعليق على اللمس مطلقا فيقع الطلاق بلمسك للجوال، وأما إن كان يقصد باللمس استعمالك له أو فتحه فلا يقع الطلاق إلا بفعلك ما قصد منعك منه.
وأما عن وقوع زوجك في سب الله تعالى، فتلك طامة كبرى. فإن سب الله كفر أكبر مخرج من الملة بلا خلاف بين العلماء ولا يعذر في ذلك بغضب أو جهل، إلا إذا كان الغضب يسلبه الإدراك فيصير كالمجنون فلا يكفر بذلك.
جاء في فتاوى ابن عثيمين: ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة، ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب، نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه، فإن هذا الكلام لا حكم له، ولا يحكم عليك بالردة، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله - سبحانه وتعالى - لا يؤاخذ به، يقول : الله تعالى في الأيمان : {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ}. [المائدة 89].
ولا شك في أن وقوع زوجك في هذا الكفر يفسخ عقد النكاح، لكن إذا كان تاب ورجع إلى الإسلام قبل انقضاء عدتك، فقد ذهب بعض العلماء إلى بقاء النكاح في هذه الحال من غير حاجة لتجديد العقد.
جاء في تتمة المجموع شرح المهذب: وان ارتد أحدهما بعد الدخول وقف النكاح على انقضاء عدة الزوجه، فإن رجع المرتد منهما قبل انقضاء عدتها فهما على النكاح. وانظري أقوال العلماء في فسخ النكاح بردة الزوج في الفتوى رقم : 25611
نسأل الله أن يهدي زوجك ويتوب عليه توبة نصوحا .
والله أعلم.