الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تقديم الهدية لغير المسلم

السؤال

هل يجوز شراء هدية عبارة عن سلسلة من الذهب لصديقي المسيحي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في تقديم الهدية للكافر غير المحارب وقبولها منه، تأليفا لقلبه على الإسلام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 99348.

وأما بالنسبة لخصوص السؤال وحكم إهداء غير المسلم حلية ذهبية، فإن كان المراد أن يهديها له لينتفع بثمنها أو يعطيها لإحدى نسائه لتلبسها، فلا حرج في هذا، وأما إن كان المراد أن يلبسها هو نفسه، فلا يجوز على الراجح، لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وأما ما رواه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه: أنه رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذا ليوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة، قال: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد منها بحلل فكساني منها حلة فقال: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم أكسكها لتلبسها إنما كسوتكها لتكسوها أو لتبيعها، فكساها عمر أخا له من أمه مشركا. رواه البخاري ومسلم والنسائي واللفظ له.
فقال النووي: في هذا دليل لجواز الهدية إلى الكفار، وفيه جواز إهداء ثياب الحرير إلى الرجال، لأنها لا تتعين للبسهم وقد يتوهم متوهم أن فيه دليلا على أن رجال الكفار يجوز لهم لبس الحرير، وهذا وهم باطل، لأن الحديث إنما فيه الهدية إلى كافر، وليس فيه الإذن له في لبسها، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى عمر وعلي وأسامة ـ رضي الله عنهم ـ ولا يلزم منه إباحة لبسها لهم، بل صرح صلى الله عليه وسلم بأنه إنما أعطاه لينتفع بها بغير اللبس، والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون: أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع، فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين. اهـ.
وأما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير والديباج، والشرب في آنية الذهب والفضة، وقوله صلى الله عليه وسلم: هن لهم ـ أي للكفار ـ في الدنيا وهي لكم في الآخرة. متفق عليه.

فقال ابن علان في دليل الفالحين: هن لهم ـ أي: الكفار في الدنيا بمعنى حالها لهم، لأن الصحيح أنهم مخاطبون بفروع الشريعة، بل معنى أنهم المستعملون لها في الدنيا عادة، وهو نعيمهم الذي قدره الله لهم فيها، وما لهم في الآخرة من نصيب. اهـ.

وراجع للمزيد الفتوى رقم: 26349.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني