الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى عدم انتفاع تارك الصلاة بحسناته عند من قال بكفره

السؤال

يرى بعض أهل العلم أن تارك الصلاة لا ينفعه صومه ولا حجه ولا زكاته، وهذاالقول يتناقض مع هذا الحديث: إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها ـ رواه مسلم.
فحتى لو اعتبرنا تارك الصلاة كافرا، فإن زكاته وصومه وحجه لله ينفعونه على الأقل في الحياة الدنيا حسب الحديث السالف الذكر، أليس كذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فليس ما ذكرته صحيحا، لأن من أطلق عدم انتفاع تارك الصلاة بحسناته ممن يرى كفره كفرا ناقلا عن الملة يمكن أن يحمل كلامه على الانتفاع في الآخرة، لأنه الانتفاع الحقيقي، كما أن انتفاع الكافر بحسناته التي يعملها في الدنيا مقيد على الراجح بمشيئة الله تعالى، كما قال عز وجل: من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد { الإسراء: 18}.

فلا يتحتم أن يثاب كل كافر بحسناته التي يعملها في الدنيا، بل منهم من لا يثاب بها، قال أبو العباس القرطبي رحمه الله: وقوله: وأما الكافر، فيطعم بحسناته ـ هكذا رواه الجماعة، ورواه ابن ماهان: فيعطى بحساب، وكلاهما صحيح المعنى، وتسمية ما يصدر عن الكافر حسنة، إنما كان بحساب ظنّ الكافر، وإلا فلا تصح منه قربة، لعدم شرطها الذي هو الإيمان، أو سميت حسنة، لأنها تشبه صورة حسنة المؤمن ظاهرًا، ثمّ هل يعطى الكافر بحسناته في الدنيا ولا بدّ، بحكم هذا الوعد الصادق، أو ذلك مقيَّد بمشيئة الله المذكورة في قوله تعالى: من كان يريد العاجلة عجّلْنا له فيها ما نشاء لمن نريد ـ وهذا هو الصحيح. انتهى.

وأما الخلاف في حكم تارك الصلاة فانظره في الفتوى رقم: 130853.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني