السؤال
أخي الأكبر متزوج، وله 3 بنات، كتب كل ما يملك لزوجته؛ حتى لا أرثه، ورغم أن أخي يصلي الفرض في وقته، ويصوم، إلا أنه يرفض أي كلام في هذا الموضوع، وهو يمتلك مبالغ كبيرة، وبيتًا، وشقة، وسيارة، وكتب كل ذلك باسم زوجته؛ حتى لا أرث، فما هو حكم الدِّين؟ وما هو عقابه عند الله؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإنه وإن كان يجوز لأخيك في الأصل أن يكتب أملاكه باسم زوجته، ويهبها لها؛ إلا إنه لا يجوز له أن يفعل ذلك بقصد حرمان بعض الورثة من الميراث، جاء في عمدة القاري لبدر الدين العيني عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة -رحمهما الله- قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
وقد نص العلماء على أن الحيل محرمة في الشريعة، وأنها من أفعال اليهود، التي استحقوا بها اللعن، وأن النظر في مآلات الأفعال معتبر، مقصود شرعًا، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، كما نص عليه الشاطبي في الموافقات، وقال عن الحيل: حقيقتها المشهورة: تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع، كالواهب ماله عند رأس الحول فرارًا من الزكاة؛ فإن أصل الهبة على الجواز، صار مآل الهبة المنع من أداء الزكاة، وهو مفسدة، ولكن هذا بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية. انتهى.
وهذا قد يصدق فيما نرى على أخيك، إن قصد بكتابة الأملاك باسم زوجته حرمان إخوته من الميراث.
ويبقى النظر في تلك الأملاك: هل تصير ملكًا للزوجة بعد الممات:
فإن كان كتبها لها على أنها وصية، تأخذها بعد مماته، فهذه وصية لوارث، ولا تمضي بغير رضا الورثة، فإن لم يرض الورثة، رجعت تلك الأملاك، وقسمت بين الورثة القسمة الشرعية.
وإن كتب الأملاك باسمها في حال الصحة والرشد، ولم تحزها هي قبل موته، أو مرضه المخوف، فإن الهبة تبطل أيضًا؛ لأن شرط نفاذها حوزها قبل حصول المانع، وإن رفع يده عنها، وصارت الزوجة تتصرف فيها تصرف المالك، فقد صارت الأملاك لها، ولا ترجع إلى الورثة بعد ممات الزوج، حتى ولو فعل ذلك حيلة لحرمان بعض ورثته، وهو آثم بتلك النية، كما بيناه في الفتوى: 119977 مع التذكير بأنه لا يدرى أيكما يموت أولًا.
والله أعلم.