السؤال
قرأت كلاما لابن عثيمين أن القضاء في الفوائت يبدأ بصلاة الظهر، لكنني كنت أجهل أن البداية تكون بصلاة الظهر فكنت دائما أبدأ بالفجر ثم الظهر وهكذا، مع العلم أنه مر علي في أحد المواقع أن البداية في القضاء بصلاة الظهر، لكنني قلت في نفسي إنني لست متأكدة من قول ذاك الشخص فهو ليس معروفا وربما يكون مجتهدا وقلت إن اليوم يبدأ بالفجر فالصحيح أن نبتدئ بقضاء صلاة الفجر ثم الظهر، فماذاعلي؟ وهل أعتبر مفرطة؟ فأنا موسوسة وحاولت باجتهادي ذلك دفع الوسوسة؟ وما حكم اجتهادي، لأنني أصبحت أحاول أن أجتهد، لأن من الصعب الرجوع دائما للمشايخ فهم غالبا مشغولون، أو أن الرد يأتي متأخرا والمسألة قد تكون عاجلة ويعلم الله أنني أتردد كثيرا على مواقع الإفتاء؟ فهل إذا تبين لي أنني أخطأت في اجتهادي أعيد العبادة؟ أرجوكم أجيبوا على استفساراتي كاملة فإني أقع في الحرج غالبا أسأل الله أن يجعلكم ممن يدخلون الجنة بدون حساب، وأيضا بعض العلماء يقولون إن الترتيب مستحب، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام حسب ما قرأت أنه جمع في يوم من الأيام 4 صلوات، أو قضاها مرتبة، أفلا يدل ذلك على وجوب الترتيب؟ وجهوني إلى الصواب.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم ترتيب فوائت الصلاة هل واجب أم غير واجب؟ وقد سبق بيان كلامهم في ذلك في الفتوى رقم: 96811وخلصنا في تلك الفتوى إلى أن من أخل بترتيب الفوائت لم تفسد صلاته لاسيما إن كان جاهلا وعلى هذا، فلا إعادة على السائلة فيما مضى، ولكن ننبهها إلى وجوب المحافظة على الصلاة في وقتها وإذ فاتت عليها بعض الصلوات في المستقبل فننصحها بالترتيب، لأنه الأحوط، ثم إن تقديم الظهر في قضاء الفوائت محله فيمن كان عليه فوائت لا يعلم السابقة منها فعند القضاء يبدأ بالظهر، لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بين له الصلوات الخمس، أما من يعلم أن عليه عدة صلوات أولاها صلاة الفجر مثلا فعند القضاء يبدأ بالفجرمراعاة للترتيب وليس لأن اليوم يبدأ بالفجر، وكيفية قضاء فوائت الصلاة هي أن يصلي كل يوم زيادة على الصلوات الخمس الحاضرة ما يستطيع في أي ساعة من ليل، أو نهار ثم يستمر على ذلك حتى يقضي ما عليه من الصلوات إن علم عدده، فإن لم يعلم عدده قضى ما يغلب على ظنه أنه يفي بذلك، وبذلك تبرأ ذمته ـ إن شاء الله تعالى ـ قال ابن قدامة في المغني: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء ما لم يلحقه مشقة في بدنه، أو ماله، أما بدنه فأن يضعف، أو يخاف المرض، وأما في المال فأن ينقطع عن التصرف في ماله بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك وقد نص أحمد على معنى هذا، فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح في الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع، فإن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها أعاد صلاة يوم وليلة، نص عليه، وهو قول أكثر أهل العلم وذلك لأن التعيين شرط في صحة الصلاة المكتوبة ولا يتوصل إلى ذلك ههنا إلا بإعادة الصلوات الخمس فلزمه. انتهى.
فإذا فعلت ذلك لم تكني مفرطة ـ إن شاء الله تعالى ـ ولمزيد الفائدة في الموضوع يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 120997،140630، 61320.
أما الوساوس فاحذريها وأعرضي عنها على أي صورة أتت وفي أي باب وردت عليك، وانظري الفتويين رقم:134196، ورقم: 51601.
أما عن الجزء الأخير من السؤال ففي الفتوى الأولى المحال عليها بيان أقوال الفقهاء في حكم ترتيب الفوائت فيمكن الرجوع إليها، والقائلون باستحباب الترتيب لا يجهلون المواطن التي قضى فيها النبي صلى الله عليه فوائت الصلاة، لكن ذلك لم يدل عندهم على الوجوب، وقد قال النووي بعد ذكر أدلة القائلين باستحباب ترتيب الفوائت: والمعتمد في المسألة أنها ديون عليه لا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر، وليس لهم دليل ظاهر.
ولتعلم الأخت السائلة أن من لم يكن عنده من العلم بالكتاب والسنة والفقه في الدين ما يؤهله للنظر والاجتهاد ليس له أن يجتهد في الأمور الشرعية، بل عليه أن يسأل أهل العلم عما ينزل به من النوازل وبذلك يسلم، وإذا كان الاستفتاء عبر المواقع الألكترونية يسبب لها حرجا نظرا لتأخر الفتوى، فيمكنها التواصل مع أهل العلم بالهاتف ونحوه من وسائل الاتصال، أو الذهاب إلى العلماء وطلبة العلم المعروفين بالعلم والفتوى وهم كثير في بلد السائلة، ولبيان موقف المسلم من اختلاف العلماء راجعي الفتوى رقم: 62771
والله أعلم.