السؤال
سؤالي أرجو منك الرد الصريح عليه وعدم نقل أي شيء من مكان أو آخر لأني قرأت المكتوب على الموقع. سؤالي هو أني كنت أخبر مسلما أن الله في السماء وبعلمه وقدرته في الأرض. فسألني سؤالا لم أستطع الرد عليه: ما الفرق بين الوجود في السماء والأرض... أخبرته أنه في الأرض بعلمه وقدرته. أخبرني وفي السماء؟ لم أستطع الرد وانزلق لساني و قلت الله في السماء نفسه، فبدأ يهاجمني فسحبتها.
الآن عندي إشكالان أرجو الرد عليهما بالدليل لأنه ليس لكلامي وزن بدون الدليل.
1- ما الفرق بين الوجود في السماء والأرض؟
2- هل أقدر أن أقول (الله نفسه في السماء) أو (الله ذاته في السماء)؟
شكرا.
و لا تنسوا الدليل لو سمحتم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان المراد بالسماء: السماء المبنية المخلوقة، وبحرف الجر (في): الظرفية ـ فلا فرق بين الوجود في السماء وفي الأرض من حيث امتناع ذلك على الله تعالى وتقدس. فأهل السنة عندما يثبتون أن الله في السماء يعنون بذلك إثبات جهة العلو المطلق لله تعالى، ولهم في ذلك مسلكان، فإما أن يفسروا السماء بالعلو لا السماء المبنية، كما في قوله تعالى: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ){الحج}. وقال تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) {الفرقان}. وإما أن يفسروا حرف الجر (في) بالاستعلاء، فيكون معنى (في السماء) : (على السماء)، كقوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ {الأنعام:11}. وكقوله تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ {طه:71}. فهم لا يريدون بذلك على أية حال أن الله تعالى وتقدس محصور أو داخل في شيء من مخلوقاته، كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة. رواه البيهقي في الأسماء والصفات، وصححه الألباني بطرقه. وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) {الزمر}. وراجع الفتوى رقم: 135219.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (التدمرية): لما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى، وأنه فوق كل شيء، كان المفهوم من قوله: إنه في السماء، أنه في العلو وأنه فوق كل شيء. وكذلك الجارية لما قال لها: أين الله ؟ قالت: في السماء. إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها اهـ.
وقال في (الجواب الصحيح): الرسل صلوات الله عليهم أخبروا بأن الله فوق العالم بعبارات متنوعة، تارة يقولون: هو العلي وهو الأعلى. وتارة يقولون: هو في السماء، كقوله: أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17){الملك}.وليس مرادهم بذلك أن الله في جوف السماوات أو أن الله يحصره شيء من المخلوقات ... وقول الرسل: في السماء، أي في العلو، ليس مرادهم أنه في جوف الأفلاك، بل السماء العلو.. اهـ.
وإذا تبين هذا عرف السائل أن قوله: الله بذاته في السماء. صواب. إذا كان يريد بالسماء العلو لا السماء المبنية.
وقد سبق لنا بيان اعتقاد أهل السنة في علو الله وفوقيته وأنه بائن من خلقه، وبيان أدلة ذلك، والجواب على ما أثير حوله من شبهات، وإيراد النقول عن الأئمة في ذلك، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6707، 69060، 66332، 76111، 101609.
والله أعلم.