الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى أثر الوساوس على صحة الإيمان

السؤال

يا شيخ أنا شخص مؤمن بالله ورسوله ومحب لهذا الدين، ولكنني ابتليت بوسوسة منذ مدة وأول ما بدأت على أنني نويت العمل لغير الله وتصارعت مع هذه الوسوسة وبحثت عن الحل وعدت إلى الدين مرة أخرى وبعد مدة بدأت تعود علي هذه الشكوك والوسوسة والظنون بأنني كيف عدت وتبت عن هذا العمل وبدأت أبحث في موقعكم ومواقع أخرى وعدت إلى دخول الإسلام من جديد بالنطق بالشهادتين والاغتسال ومارست حياتي الدينية ورجعت وعملت الدخول في الإسلام وعدت هذا الفعل أكثر من مرة كل مرة توسوس لي في شيء معين إما في النية، أو النطق، أو الاغتسال والآن لي أسبوع وأنا أعيش في وسواس وهم فمرة عندما عدت إلى الإسلام بعد ما نطقت بالشهادتين وأنا أنوى الغسل طار على البال بأنني لم أكمل النطق بالشهادتين فأعرضت واغتسلت وبعد ما أتى هذا لم أرتح وصليت وقررت أن أعيد العمل في الدخول في الإسلام وإلى الآن أعيش في هم، حيث إنني لم أعد أستطيع أن أستحضر النية بسبب الوسواس وترك بعض الصلوات وكنت أصلي البعض منها وكل ما أشرع بالدخول في الإسلام لا أستطيع أن أنوي وتأتيني بعض الليالي يطرأ على بال أثناء النية أن أعيد ومرة بدأت فلم أستطع استكمال النطق بالشهادتين وتوقفت والآن أنا في حيرة من أمري، فماذا علي أن أفعل الآن؟ وهل الإعادة عندما أفعلها تبطل الأعمال التي عملتها وهي الدخول في الإسلام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يشفيك مما نزل بك من هذا الداء العضال، وتنبه ـ عافاك الله ـ إلى أن هذه الوساوس لا أثر لها في صحة الإيمان، ما دامت لا تعدو حد الخواطر التي تمر على القلب مع رفضها وكراهتها، وقد وجد بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ شيئاً من ذلك فشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أو قد وجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

يريد كراهتهم له ونفورهم منه.

ثم إن علاج هذه الوساوس يكون بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وقد سئل ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها، وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته. انتهى.

وأعظم ما يعين على هذا الاستعانة بالله عز وجل، والاجتهاد في الدعاء أن يصرف الله بمنه هذا البلاء، وكذلك مراجعة الأطباء النفسيين الثقات ليرشدوك إلى الأسباب التي يحسن الأخذ بها من علاج ونحوه، فإن ذلك داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني.

واعلم أنك لم تخرج من دين الإسلام بمجرد هذه الوساوس وعليه، فلا يلزمك الاغتسال لأجل هذا ولا تبطل أعمالك السابقة ـ إن شاء الله ـ فالمسلم لا يخرج عن الإسلام إلا بالقصد والإرادة، والموسوس لا إرادة له ولا خيار فهو مسلوبهما، واحذر كل الحذر أن تجرك هذه الوسواس إلى ترك العبادات، أو التكاسل عن الطاعات فإن الشيطان ود لو ظفر من العبد بهذا ليصده بذلك عن ذكر الله وعن الصلاة وليثقل عليه العبادات, قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر، أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب. انتهى.

فامض في طاعة الله ولا تلتفت إلى هذه الوساوس والشكوك واعرض عنها جملة وتفصيلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني