الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معجزة قوم هود كغيرها من المعجزات

السؤال

لماذا لم يرسل الله سبحانه وتعالى معجزة لقوم عاد كما أرسل معجزات لباقي الأقوام، كما في قوم ثمود مثلًا كانت معجزة سيدنا صالح "الناقة" ولسيدنا موسى "العصا" ولماذا لم يعذب الله سبحانه وتعالى قوم سيدنا إبراهيم مع أنهم حاولوا إحراقه واكتفى سيدنا إبراهيم بهجرهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فما من نبي إلا وقد أيده الله سبحانه وتعالى بالمعجزات الباهرة، والبيانات الظاهرة، والحجج القاطعة بالبراهين الساطعة، التي فيها كفاية للدلالة على أنه رسول من عند الله تعالى يجب تصديقه والإيمان بمن أرسله، قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد:25]، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة.

وهود -عليه السلام- من أولئك الأنبياء المرسلين، ومعجزته العظمى قوة ثقته بالله تعالى وتوكله عليه واعتماده، مما جعله لا يبالي بقوة قومه وشدة بطشهم وعتوهم، فتحداهم علنًا بتلك المعجزة الباهرة قائلًا لهم، هذه بينتي التي جئتكم بها، قال الله تعالى قاصًا علينا ما دار بينهم في السورة التي سميت باسمه -عليه السلام-: قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود: 53-56].

أما سؤالك لماذا لم يعذب الله قوم سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، فالجواب إن الله -سبحانه وتعالى- أعلم وأحكم، فهو يعذب من يشاء من الكافرين في الدنيا، ثم يردهم إليه، فيعذبهم عذاباً غليظاً، ويمهل من يشاء منهم في الدنيا ويملي لهم ويستدرجهم من حيث لا يشعرون، فإذا أخذهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر، فيضاعف لهم العذاب الشديد كل ذلك لحكمة بالغة يعلمها سبحانه وتعالى، لا يسأل عما يفعل، وليس مطرداً أن يعذب الله في الدنيا كل من عصاه ويأخذه بذنبه، ولو فعل لما أبقى أمة على وجه الأرض كما قال تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [النحل:61]، وقال: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [فاطر 45].

وبهذا تعلم أن السؤال عن مثل هذا غير وارد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني