الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تأسفي على ذلك الخاطب وأعرضي عن أقاويل أمه

السؤال

ياشيخ عندى مشكلة وهي أنني أبلغ من العمر 26 عاما، وقد ضاقت بى الدنيا بعد وفاة أبي وأمي، وقد تغيرت نظرتي تجاه هذه الدنيا فلم تعد تهمني المواضيع الدنيوية وخاصة الزواج، فقد ألغيت من عقلى فكرة الزواج إلى أن يمن الله علي بزوج صالح، وسرت فى طريقى مع الله ولكن حدثت لى مشكلة وهى أن الله بعث لى شخصا فصليت استخارة فتم الموضوع، وكنت أعامله بما يرضى الله، فقد تمت خطبتى يوم الجمعة وفى نهاية الأسبوع تم فسخ خطبتى مع العلم أن خطيبى كان يوجد قبل فسخ الخطبة بيوم عندي وكان يقول لي افعلي كذا لأهلي وعامليهم كذا، وقلت له حاضر واتفقنا ولكن فجأة بعثت والدته وقالت كل شىء قسمة ونصيب فقلنا لها ما السبب قالت الموضوع انتهى لغاية هذا الأمر ولم أر خطيبي بعدها، لم يعتذر لقد سافر وتركني أعاني وحدي دون أن يعطيني سببا فقد كان دائما يلوح لي أن عماته قاموا بأخذ جزء من ملابسه وقاموا بعمل شيء له فأنا لا أعترف بهذا فالنافع والضار هو الله، دائما يراودني إحساس أن أتصل به لأعرف سبب تركي ولكن أرجع لعقلي مرة أخرى وأقول إنه لا يستحق ولكن أشعر أني مكسورة من داخلي، أشعر بشماتة الناس أريد أن أعلمك بشيء يا شيخ أنا والحمد لله قصيرة ولدى أصابع مبتورة وقمحية، وخطيبي أعلمته بكل شيء وكان راضيا ومبسوطا وقال لي الدين والخلق أهم شىء، والحمد لله يا شيخ ميراثنا الحقيقى من أب وأم هو الإيمان بالله.
يا شيخ ماذا أفعل فأم خطيبى السابق تعيب في وتقول إني سمراء وقصيرة ولست محترمة، تفتري علي وأنا لا أرد عليها وأحاول دائما أن أسامحها ولكن لا أستطيع. بالله يا شيخ أنصحني ماذا أفعل فأنا أشعر بالحزن فليس يوجد حولي من يخفف عني، فوالدتي كانت أقرب شيء فى حياتي ولكن فقدتها فأصبحت الحياة بلا روح بلا حنان بلا حضن دافئ يشعرك بالأمان من الدنيا. بماذا تنصحني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أن كل ما يصيبك إنما هو قدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة ، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا ، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {البقرة:216}.

فلا تأسفي على هذا الخاطب ، فلعل الله أراد بك خيرا بصرفه عنك ولعل الله يعوضك خيرا منه.

قال ابن القيم : والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. الفوائد.

و إذا كانت أم هذا الخاطب تسيء إليك كما ذكرت فهي آثمة و ظالمة لك ، لكن الأولى أن تصفحي عنها وتعرضي عن أقاويلها ، فإنّ في العفو عن المسيء خيراً عظيما وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته.

وننصحك أن تصبري و تحسني ظنك بالله ، واعلمي أنك إن استقمت على طاعة الله وصبرت ، فلن يضيعك الله أبداً ، وأبشري بكلّ خير ، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني