السؤال
أعاني منذ مدة طويلة من وسواس قهري خطير في العقيدة وفي الصلاة جعلني أترك الصلاة والعبادات كلها حتى وصل بي الوسواس في مطلع هذا العام الهجري إلى السجود لغير الله بسبب قوة الوساوس.
وسؤالي هو: هل ستقبل توبتي أم لا؟ وأنتم تعلمون قول الله جل وعلا: إن الله لا يغفر أن يشرك به.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأبشر ـ أخانا الكريم ـ بالذي يسرك، فإن الله تعالى يقبل توبة عبده من أي ذنب كان ـ كفرا أو غيره ـ كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.{ الزمر: 53}. وقال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى. {طه: 82}. وقال عز وجل: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. {الفرقان: 70ـ 69ـ 68 }.
وهذه نصوص واضحة في قبول التوبة من الشرك والكفر.
وأما قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ.{ النساء: 48}.
فهذه خاصة بمن مات على الشرك دون أن يتوب منه، كما نص عليه أهل العلم، والمقصود أن من مات موحدا فذنوبه في مشيئة الله ـ إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه ـ وأما من مات مشركا ولم يتب قبل موته، فإن الله تعالى لا يغفر له شركه.
ثم ننبه السائل على أمر مهم، وهو أن الوسوسة المرضية ـ كالوسواس القهري ـ ما يفعله صاحبها تحت تأثيرها دون سلطان منه عليها ـ لا يؤاخذ به، فهو في حكم المكره، كما سبق التنبيه عليه في الفتاوى التالية أرقامها: 135044، 128480، 128825.
وقد تقدم لنا بيان سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 3086 60628، 2081، 78372.
والله أعلم.