السؤال
أنا مخطوبة لرجل على خلق ودين، الحمد لله، وكنت في أحد الأيام مدعوة لعرس زميلة لي سوف تتزوج صديق خطيبي، وكان للنساء مكان، وللرجال مكان آخر، أي لا يوجد اختلاط، ولكن أتى العريس ليلبس العروسة الشبكة، فجاء معه خطيبي وصديق آخر لهما، ورقصوا له وسط النساء، وكل النساء تشاهدنهم فغضبت جدا من هذا التصرف، وأخبرت خطيبي أن هذا لا يجوز فقال لي: هذا صاحبي، يعنى لا تريدنني أفرح لصاحبي وأفرحه في يومه هذا؟
فهو يرى أن الرقص أمام النساء عادى بينما رقص النساء أمام الرجال لا يجوز. فما قولكم في هذا؟ وماذا أفعل ؟ وهل كلامه صحيح من حيث إن رقص الرجل أمام المرأة ليس بحرام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم الرقص عموما، والراجح عندنا كراهته إذا سلم من المخالفات الشرعية كالغناء المحرم وآلات الموسيقى وكشف العورات والتثني والتكسر المثير للشهوات، وإنما كرهناه لقوله تعالى: وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا {الإسراء: 37}.
قال القرطبي في تفسيره: استدل العلماء بهذه الآية على ذم الرقص وتعاطيه، قال الإمام أبو الوفاء بن عقيل: قد نص القرآن على النهي عن الرقص فقال: ولاتمش في الأرض مرحا. وذم المختال، والرقص أشد المرح والبطر. انتهى.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والقفال من الشافعية إلى كراهة الرقص معللين ذلك بأن فعله دناءة وسفه، وأنه من مسقطات المروءة، وأنه من اللهو. قال الأبي: وحمل العلماء حديث رقص الحبشة على الوثب بسلاحهم، ولعبهم بحرابهم، ليوافق ما جاء في رواية: يلعبون عند رسول الله بحرابهم.
وهذا كله ما لم يصحب الرقص أمر محرم كشرب الخمر، أو كشف العورة ونحوهما، فيحرم اتفاقا. انتهى.
وقد سئل الشيخ العثيمين في اللقاء الشهري، هل يجوز الرقص والطرب للنساء؟
الجواب: الرقص مكروه، وكنت في الأول أتساهل فيه، لكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة فرأيت أن أمنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة وجميلة وخفيفة ورقصها يفتن فتفتتن النساء بذلك، حتى إنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم وتقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها ويحصل بهذا فتنة، ولهذا كنت أخيراً أقول: إنه ممنوع. والله أعلم، وسبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
لكنا نقول: إن فعله بعض العوام في بعض المناسبات بحيث لم يصر هذا ديدنا لهم ولا عادة مع التزامهم بالضوابط الشرعية من أمن الفتنة وستر العورة وترك ما يثير الشهوات، فنرجو أن يكون الأمر في ذلك واسعا، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: وقف لعائشة يسترها وهي تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ويزفنون. والزفن: الرقص. اهـ
أما ما فعله خطيبك من الدخول مع صاحبه وهو يلبس زوجته حليها فهذا غير جائز قطعا، وقيامه بالرقص في هذه الحالة غير جائز أيضا لكونه وسط النساء، والغالب كون النساء في مثل هذه المناسبات في زينتهن، وهذا ذريعة إلى افتتان كل جنس بالآخر.
والله أعلم.