الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما المانع أن يصاب الناس مثلي بالوسوسة

السؤال

أنا يا شيخ مريض بالوسواس بالعقيدة من 10 سنوات، ويعلم الله أنني لا أريد الكفر وأنني من كثرة الهم والغم كدت أنتحر، وأنني أكره الكفر كما أكره وضعي في النار، وأنني عانيت على مدار هذه السنين.
المشكلة أنني كنت دائما أناقش وساوسي بين أصدقائي وأقول في نفسي لماذا لا يوسوسون مثلي؟ ما المانع من أنهم لا يوسوسون؟ وكنت أتمنى أن يوسوسوا مثلي حتى لا أرى نفسي وحدي، وكنت أناقش وسواسي دائما معهم لأرى هل سيأتي لهم وسواس مثلي. فهل في هذا كفر ونفاق لأن من الكفر والنفاق التشكيك في الدين؟ مع أنني والله حريص على أن يكون قلبي طاهرا وأنا لا أريد الكفر لأحد ولا لي أنا أصلا، لكن من كثرة الهم أصبحت أفكر كذلك. فهل هنا ردة؟ ماذا أفعل يا شيخ أنا كنت خائفا من أن أبعث لكم السؤال خوفا أن تقولوا لي إنك قد كفرت وأنا أموت وأجن قبل أن يقول عني أحد أنني قد كفرت، وأنا الآن في حيرة من أمري دائما أفتش في الماضي وأرجع وأقول هل أنا كفرت أم لا؟ وأقول في نفسي أريد أن أسجل صوتي على مدار الساعة لأرى ما يخرج مني، وكل هذا لا أعلم أنه صحيح خرج مني أم لا؟ يعني أنا أريد فتوى من باب الاحتياط لأنني كنت أتمنى أن يوسوس كل أصدقائي مثلي حسدا على السعادة التي كانوا يعيشونها -والعياذ بالله- لكن كل هذا بسبب الوسواس عليه اللعنة، وأنا لم أترك فرضا أبدا ولا أترك الدعاء أبدا مع وجود أشد الوسواس في العقيدة الذي يجعلني لا أستطيع أن أفهم شيئا أبدا. أريد فتوى بخصوص ذلك هل يوجد ردة لأنني أبتعد دائما عن زوجتي خوفا من الزنا بسبب تأثر عقد الزواج بالكفر بالله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأنت لست كافرا ولا مرتدا، بل ما دمت تكره هذه الوساوس الكفرية فإن هذا دليل إيمان. روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. وانظر الفتوى رقم: 13369، وما أحيل عليه فيها.

فحاول الإعراض عن هذه الوساوس واترك الابتعاد عن زوجتك، وعش حياتك بشكل طبيعي فإن ذلك أدعى للتخلص من الوساوس.

وقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة على التخلص من الوساوس في الفتوى رقم: 132309 . وما أحيل عليه فيها، فراجعها للأهمية. كما نوصيك بالاستمرار في الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل.

أما تمنيك لغيرك أن يبتلى بالوسوسة فلا يجوز، بل عليك أن تحب لهم ما تحبه لنفسك وألا يبتليهم بما ابتلاك به. قال عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه. وتذكر أن كل شيء هو بقضاء الله تعالى وقدره، وأنه لا معقب لحكمه، فالصواب أن تتجه إلى الله تعالى وتسأله أن يعافيك، وتفوض أمرك إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني