السؤال
لي ولد توفي وهو في الرابعة من العمر غرقا، علمت بعد إرساله مع إخوتي للدفن أنهم لم يصلوا عليه صلاة الجنازة، فهل من حرج من عدم الصلاة على الطفل، وهل يحتاج الطفل الميت للدعاء أو الصدقات.
لي ولد توفي وهو في الرابعة من العمر غرقا، علمت بعد إرساله مع إخوتي للدفن أنهم لم يصلوا عليه صلاة الجنازة، فهل من حرج من عدم الصلاة على الطفل، وهل يحتاج الطفل الميت للدعاء أو الصدقات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يحسن عزاءك في الولد ويجعله فرطا وذخرا لك يأخذ بيديك إلى الجنة، ونعزيك بما عزى به النبي صلى الله عليه وسلم ابنته لما توفي ولدها فأرسل إليها: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب، كما في الصحيحين.
ونرجو أن يكون الولد في الجنة في كفالة إبراهيم عليه السلام، كما في حديث البخاري في حديث الرؤيا الطويل ذكر كفالة إبراهيم لأولاد المسلمين الذين توفوا صغارا، وفي حديث مسلم: صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه فيأخذ بثوبه فلا ينتهي حتى يدخله الله وإياه الجنة. قال النووي في شرح مسلم: وفي هذا دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة، وقد نقل جماعة فيه إجماع المسلمين. اهـ.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة غلام من الأنصار، فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا العصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء، ولم يدركه. رواه ابن ماجه وفي صحيح مسلم بعض من ألفاظه. قال الإمام النووي عند شرحه لحديث مسلم المشار إليه: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين أن من مات من أطفال المسلمين، فهو من أهل الجنة، لأنه ليس مكلفاً. اهـ.
واعلم أن الغريق معدود من الشهداء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله عز وجل. متفق عليه. اهـ.
فهذا يدل على شهادة من مات بالغرق، إلا أنه ينبغي الاستعاذة من الغرق، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان من جملة أدعيته التي يدعو بها ما في سنن النسائي عن أبي اليسر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت..... إلى آخر الحديث.
ثم إن الطفل الميت بالغرق يجب أن يغسل وأن يصلى عليه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل صلي عليه. اهـ وقال ابن قدامة في المغني: فأما الشهيد بغير قتل كالمبطون والمطعون والغريق وصاحب الهدم والنفساء، فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، لا نعلم فيه خلافاً. اهـ
وما دام الولد لم يصل عليه فيمكنك أن تصلي عليه الآن، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل عن المرأة التي كانت تقم (تنظف) المسجد؟ فقالوا: ماتت، فقال: دلوني على قبرها، فدلوه فصلى عليها. متفق عليه.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب، فصلى عليه وصفوا خلفه، وكبر أربعاً.
وأما سؤالك عن الدعاء له أو التصدق فيشرع أن تدعو له برفع الدرجات وقبول شفاعته لك يوم القيامة، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال الذين صلى عليهم وسأل الله أن يشفعهم في آبائهم، وفي سنن البيهقي عن أبي هريرة أنه كان يصلي على المنفوس الذي لم يعمل خطيئة قط ويقول: اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وذخرا، قال نعيم: وقيل لبعضهم: أتصلي على المنفوس الذي لم يعمل خطيئة قط؟ قال: قد صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مغفورا له بمنزلة من لم يعص الله عز وجل. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يقوم على المنفوس من ولده الذي لم يعمل خطيئة فيقول: اللهم أجره من عذاب القبر.
وذكر ابن أبي زيد المالكي في الرسالة دعاء خاصاً بالطفل عند الصلاة عليه فقال: تقول: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك أنت خلقته ورزقته وأنت أمته وأنت تحييه، اللهم فاجعله لوالديه سلفاً وذخراً وفرطاً وأجراً، وثقل به موازينهم، وأعظم به أجورهم، ولا تحرمنا وإياهم أجره، ولا تفتنا وإياهم بعده، اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وعافه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم.
ولا بأس أن تتصدق على الفقراء أو المساكين بنية أن يكون الأجر والثواب للطفل المذكور، وإن كان الأولى لك أن تتصدق به عن نفسك لأنك أحوج منه للأجر.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني