الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القسم للزوجات في الحضر والسفر

السؤال

تزوجت امرأة أجنبية أسلمت حديثا، وكان وليها هو القاضي الذى قام بعقد النكاح واشترط وليها أن تسافر إلى أهلها كل عام، فوافقت وكتب ذلك في العقد، وأنا أعيش فى مصر وتزوجتها في السعودية وأذهب كل 6 أشهر لتجديد تأشيرتي وهى كذلك، والزوجة الأولى تذهب لتجديد تأشيرتها كل عام، لأنها على كفالتي، أما الزوجة الجديدة فتأشيرتها تأشيرة عمل وعلى كفالة كفيلي، فلا بد أن تسافر كل 6 أشهر، والسؤال هو: هل يلزم العدل وتعويض الأولى عن السفرة الزائدة؟ وهل شرط السفر إلى أهلها ملزم لي أم لا؟ وهل لو سافرت إلى أهلها تحسب الأيام لصالحها؟ أم تسقط من حقها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعدل بين الزوجات في القسم حال الإقامة واجب بغير خلاف، أمّا عند السفر، فلا يلزم قضاء مدة السفر للزوجة المقيمة، قال ابن قدامة: ولا يلزمه القضاء للحاضرات بعد قدومه، وهذا قول أكثر أهل العلم.

أمّا إذا سافرت وأقمت مدة، فعليك أن تقضي مدة الإقامة للأخرى، قال ابن حجر: ولا يخفى أن محل الإطلاق في ترك القضاء في السفر ما دام اسم السفر موجودا، فلو سافر إلى بلدة فأقام بها زمانا طويلا ثم سافر راجعا فعليه قضاء مدة الإقامة.

وقال ابن قدامة: وإن أقام في بلدة مدة إحدى وعشرين صلاة فما دون لم يحتسب عليه بها، لأنه في حكم السفر تجري عليه أحكامه، وإن زاد على ذلك قضى الجميع مما أقامه، لأنه خرج عن حكم السفر، وإن أزمع على المقام قضى ما أقامه ـ وإن قلّ ـ لأنه خرج عن حكم السفر.

وإذا سافرت زوجتك لأهلها فالراجح أن حقها من القسم يسقط مدة سفرها، قال ابن قدامة: وإن سافرت بإذنه لحاجتها ففيه وجهان:

أحدهما: لا يسقطان ـ النفقة والقسم ـ لأنها سافرت بإذنه أشبه ما لو سافرت معه.

الثاني: يسقط، اختاره الخرقي، لأن القسم للأنس، والنفقة للتمكين من الاستمتاع وقد تعذر من جهتها فسقط كثمن المبيع إذا تعذر تسليمه، ويحتمل أن يسقط قسمها وجها واحدا، لأنه لو سافر عنها لعذر سقط حقها منه فإذا سافرت هي كان أولى.

وأما اشتراطها السفر لأهلها كل عام: فهو شرط صحيح لازم على مذهب الحنابلة، وهو الذي رجّحناه في الفتوى رقم :59904.

ومعنى لزوم الشرط: أن الزوج إذا أخلّ بشرطه فمن حقّ الزوجة فسخ النكاح، أمّا عن وجوب الوفاء بالشرط: فالمشهور عند الحنابلة أنّ الوفاء بالشرط مستحب غير واجب، فلا يأثم الزوج بمخالفته، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية: إلى وجوب الوفاء بالشروط.

قال المرداوي: حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد ونحو ذلك لم يجب الوفاء به على الزوج، صرح به الأصحاب، لكن يستحب الوفاء به، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في رواية عبد الله.

ومال الشيخ تقي الدين ـ رحمه الله ـ إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط ويجبره الحاكم على ذلك.

ولا شك أن الوفاء بالوعد من سمات المسلم، وإخلافه من سمات المنافقين، فينبغي أن تفي بالشرط وتفي بوعدك لكن ننبّه إلى أنّ سفر المرأة بغير محرم لا يجوز، وانظر الفتوى رقم : 6219.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني