السؤال
أمي تفضل أخي في كل شيء علي ـ أنا وأخواتي البنات ـ وتحبه جدا ولا تحرمه من أي شيء وتعطيه كل ما يريد دون اعتراض، بل بحب ورضا، بالرغم من أنه يبلغ 33 عاما ومتزوج ولديه ولد، ولكنها تعتبرنفسها مسؤولة عنه ـ ماديا ومعنويا ـ وحتى زوجته تغدق عليها المال وتعتبرها مسؤولة عنها من أجل إرضائه، وأنا أبلغ من العمر23 عاما وغير متزوجة وأبي متوفى، ولكنها لا تريد أن تتحمل مسئوليتي، وإذا أعطتنى شيئا تضايقني بالكلام وتقول لي ـ دائما ـ إنك حاصلة على مؤهل جيد يمكنك التكسب من خلاله ولا بد أن تتحملي مسؤليتك كي أتفرغ للإنفاق على أخيك وزوجته، ومن ناحية أخرى تعتمد ترك قضاء معظم مصالحنا على أزواج أخواتي وإذا أعطت إحداهن شيئا تضايقها بالكلام وتشعرها أنها غير ملزمة بذلك، وهذا تفضل منها عليهن وعلى أزواجهن، كما أن أخى أناني للغاية ولا يتحمل هم أحد غير نفسه ويستغل والدتي ولا يعتني بها ولا يقضي لها مصالحها، وبالرغم من ذلك تحاول إيجاد المبررات له، فنتيجة لهذا تأثرت مشاعرعي نحو والدتي وأخي وفقدت الشعور بالأمان وأصبحت مشاعري تجاهها وتجاه أخي سلبية، فهل سيعاقبني الله على هذه المشاعر السلبية؟ وهل ما تفعلة أمي وأخي حلال أم حرام؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت أمك تفضل أخاكم عليكم دون مسوّغ، فهي بذلك ترتكب محرما، فإنّ العدل بين الأولاد واجب، كما رجحناه في الفتوى رقم : 6242.
والواجب على أخيك أن لا يقبل تفضيل أمّه له بالعطايا دون بقية إخوته، كما يجب عليه أن يبرّ أمّه ويطيعها في المعروف، واعلمي أنّ أمّك لا يلزمها الإنفاق على أخيك أو أخواتك المتزوجات ـ وأحرى أزواجهن ـ وما تنفقه عليهم فهو تبرع منها.
وأمّا إنفاقها عليك حتى تتزوجي أو تتكسبي: فهو واجب عليها، كما هو واجب أقاربك الوارثين إذا كانوا موسرين، قال ابن قدامة: وجملته: أنه إذا لم يكن للصبي أب، فالنفقة على وارثه، فإن كان له وارثان، فالنفقة عليهما على قدر إرثهما منه، وإن كانوا ثلاثة أو أكثر، فالنفقة بينهم على قدر إرثهم منه، فإذا كان له أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد، لأنهما يرثان كذلك.
والبنت البالغة إذا كانت فقيرة لا كسب لها كالصبي الذي لا مال له، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 25339.
وكونك حاصلة على مؤهل يمكنك من التكسب لا يسقط حقك في النفقة، كما ستجدين بيانه في الفتوى المشار إليها.
لكن ننبّهك إلى أنّ حق الأمّ عظيم وبرّها من أهم أسباب رضا الله، ومهما كان حالها، فإن حقها في البر لا يسقط، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تعملون{ لقمان:14}.
و إذا قمت بما يجب عليك من برّ أمّك وصلة أخيك، فإنّك لا تؤاخذين بما تجدينه من المشاعر تجاههما بسبب ما يقعان فيه من أخطاء، وينبغي لك مناصحة أمّك وأخيك بالرفق، أو الاستعانة بمن ينصحهما ممن يقبلان نصحه مع الإكثار من الدعاء لهما.
والله أعلم.