السؤال
كيف يعين الله العبد الذي يريد العفة؟.
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان مراد السائل الكريم بالعفة الامتناع عن سؤال الناس، ففي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من يستعف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله، ولن تعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر. متفق عليه.
قال ابن حجر في الفتح: قال القرطبي: معنى قوله ـ من يستعف ـ أي يمتنع عن السؤال. وقوله ـ يعفه الله ـ أي إنه يجازيه على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته.
وقال ابن الجوزي: لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى لهم فيكون صاحبه معاملا لله في الباطن فيقع له الربح على قدر الصدق في ذلك.
وقال الطيبي: معنى قوله ـ من يستعفف يعفه الله ـ أي إن عف عن السؤال ولو لم يظهر الاستغناء عن الناس لكنه إن أعطي شيئا لم يتركه يملأ الله قلبه غنى بحيث لا يحتاج إلى سؤال، ومن زاد على ذلك فأظهر الاستغناء فتصبر ولو أعطي لم يقبل فذاك أرفع درجة، فالصبر جامع لمكارم الأخلاق.
وقال ابن التين: معنى قوله ـ يعفه الله ـ إما أن يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال، وإما أن يرزقه القناعة. انتهى.
وإن كان مراد السائل بالعفة عفة الفرج، ففي ذلك ورد قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
قال القاري في مرقاة المفاتيح: الناكح الذي يريد العفاف ـ أي العفة عن الزنا. قال الطيبي ـ رحمه الله: إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها، وأصعبها العفاف، لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه، وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. انتهى.
وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في الفتويين رقم: 7863، ورقم: 66796.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني