السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة، منذ 5 سنوات بدأت علاقتي بزميل لي في المدرسة وقد أحببته بصدق، وكنا نتكلم بالهاتف لفترات طويلة لمدة 3 سنوات، ولكن أبي وأمي علموا بالأمر وعاقبوني، وأبي حلف بالطلاق أني لن أتزوجه، مع العلم أني من أسرة متدينة ومحافظة، أما أنا فأدركت أن ما كنت أقوم به خطأ، إلا أنني وللأسف قد تبت متأخرة، ولكني أعلم أن الله غفور رحيم. إلا أنني ما زلت أفكر به وأكن له مشاعر في قلبي ، حاولت نسيانه والمضي بحياتي ولكني لم أستطع، وقد علمت من مدة أنه تاب أيضا وأصبح يصلي بالمسجد، وقد اتفقنا عندما افترقنا أننا لن نعصي الله أبدا، وسنظل نكن تلك المشاعر إلى أن يحين وقت الزواج ويأتي لخطبتي. من جهة لا أريد أن أغضب ربي، ومن جهة أبي حلف بالطلاق على أمي إذا تزوجت من هذا الشخص، لا أعرف ما الحل؟ لقد سئمت،! أريد أن يكون هذا الشخص من نصيبي حسب شرع الله وفي دائرة الحلال، إلا أنني في كل مرة تخطر هذه الفكرة في خاطري أتذكر الماضي وما فعلته من معاص، وأتذكر حلف أبي بالطلاق، فأظل أبكي وأتوسل إلى الله بأن يساعدني ويرشدني. أرجوكم ساعدوني؟ما العمل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت بإقبالك على التوبة، ونسأل الله تعالى أن يتقبلها منك، واعلمي أن مغفرة الله تعالى لا يتعاظمها ذنب، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}. وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
ونوصيك بالحذر من التساهل مستقبلا في أمر مثل هذه العلاقة، وعليك بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح ومصاحبة أخواتك المسلمات الصالحات.
ولا ينبغي للأب أن يرفض الخاطب إذا كان كفئا للزواج من ابنته، روى الترمذي عن أبي هريرة أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
ولكن من المعلوم أن الأصل في الأب الشفقة على ابنته والحرص على مصلحتها، وربما اطلع في الشاب على صفات تجعله لا يرضاه زوجا لابنته، وقد يكون سعيه في إفسادك، ومواصلة اتصاله بك لمدة سنوات هو السبب الحامل للأب على منعه من الزواج منك، فالذي سعى في مثل هذا ويتمادى فيه هذه المدة مهيء لأن يفعله مع أخرى، ومثل هذا لا يصلح زوجا لامرأة صالحة ما لم تعلم توبته، فإذا أصر أبوك على عدم زواجك من هذا الشاب فيجب عليك طاعته، فطاعة الأب في المعروف واجبة، وزواجك من هذا الشاب ليس بواجب، وما كان واجبا فإنه مقدم على ما ليس بواجب، وانظري الفتوى رقم 6563.
وحلف أبيك بالطلاق يتأكد به أمر اجتنابك الزواج من هذا الشاب، فإنه إذا حصل زواجك منه وقع الطلاق في قول جمهور الفقهاء. هذا مع العلم بأنه لا يجوز الحلف بالطلاق لأنه من الحلف بغير الله، وهو مخالف لما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت.
وأما نسيانك هذا الشاب فإنه ممكن، فعليك أن تستعيني في ذلك بالله تعالى بدعائه والتضرع إليه بأن يصرف ذكراه عن قلبك، هذا بالإضافة إلى أن الخوف من الله عز وجل وصدق العزيمة في إرادة نسيانه مما يعينك على ذلك، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 9360. والتي ضمناها ما ذكره ابن القيم من طرق علاج العشق.
وينبغي أن تستحضري أيضا أن هنالك كثيرا من الزيجات التي قامت على مثل هذا النوع من الحب وكان مصيرها الفشل، وربما كان الفتى أو الفتاة يظن أنه مما تتحقق له به السعادة، فوصيتنا لك أن تكلي الأمر إلى الله تعالى فتسألينه أن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك، فالله عز وجل هو الذي يعلم عواقب الأمور قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {البقرة: 216}.
والله أعلم.