السؤال
حماتي مشركة، ومعها صورة تصلي وتسجد لها، وحاولنا كثيرا أنا وزوجي إقناعها بالإسلام وثنيها عما هي عليه دون فائدة ..المشكلة أنها عندما تأتي لبيتي أحيانا تنام عندنا، وأحيانا تصلي عندنا، ونحاول جاهدين أنا وزوجي ألا يراها الأولاد، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة؛ حيث إن لديها كثيرا من التصرفات المخلة بديننا، ولا نستطيع أن نمنع أطفالنا من رؤيتها. أريد أن أسال هل علينا إثم إن تركناها تصلي لغير الله في بيتنا؟ أم علينا أن نفرض عليها ألا تصلي في بيتنا خوفا أن يغضب الله علينا أن الشرك به يمارس فيه، وخوفا من تأثيرها على أطفالنا.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبر بالوالدين فرض عين، ولا يختص بكونهما مسلمين، بل حتى لو كانا كافرين يجب برهما والإحسان إليهما ما لم يأمرا ابنهما بشرك أو ارتكاب معصية. قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة: 8} فعليه أن يقول لهما قولا لينا لطيفا دالا على الرفق بهما والمحبة لهما، ويجتنب غليظ القول الموجب لنفرتهما، ويناديهما بأحب الألفاظ إليهما، وليقل لهما ما ينفعهما في أمر دينهما ودنياهما، ولا يتبرم بهما بالضجر والملل والتأفف، ولا ينهرهما، وليقل لهما قولا كريما. من الموسوعة الفقهية.
وقد سبق بيان أن المسلم والكافر من الوالدين يستويان في وجوب البر، فبر الوالدة واجب مهما كانت عقيدتها، فراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 17264، 62397، 61924. وسبق أيضا الكلام على مسألة حدود طاعة الوالدين المشركين في الفتوى: 23377.
وعلى ذلك فما تفعل هذه المرأة في منزلكم من أمور الشرك في خاصة نفسها دون أن تدعوكم إليه، ليس عليكم من حرج فيه، ولا يجب عليكم منعها منه قسرا، بل مروها بالمعروف وانهوها عن المنكر بلطف، وادعوها إلى الله، كما فعل الخليل إبراهيم عليه السلام: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا 45 {مريم: 42-45}.
وقد نص بعض الفقهاء على أنه يجب على الولد المسلم أن يوصل أباه الكافر إلى كنيسته إن طلب منه ذلك، وعجز عن الوصول بنفسه لنحو عمى، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 76439. وعليكم أن لا تيأسوا من هدايتها، ولا تملوا من دعوتها للإسلام. واتخذوا الرفق بها والإحسان إليها وسيلة إلى قلبها.
وأما ما يتعلق بالأطفال فينبغي صيانتهم عن ما يدنس عقائدهم وينكس فطرهم، فإن كان لا بد من رؤيتهم لجدتهم وهي تشرك بالله تعالى، فلا بد من إفهامهم حقيقة دينهم وغرس معاني الإيمان في قلوبهم، وبيان خطأ جدتهم وفساد عملها دون أن يؤدي ذلك إلى كرههم لها هي.
والله أعلم.