الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حقّكم اختيار الإقامة مع أمّكم، مع مداومة برّ أبيكم وزيارته

السؤال

أرجو من حضرتكم إجابتي على سؤالي لأنني في حيرة كبيرة من أمري لأني خيرت بين أمي وأبي.
أبي إنسان صعب التفاهم والتعامل معه بسبب أنه شخص عنيد جدا، ولا يسمع من أي أحد، كان هناك الكثير من المشاكل بينه وبين أمي ومشاكل شبه يومية، حتى أننا لم نعد نحتمل الجلوس في البيت، وكنا نكره الرجوع إلى البيت، وقبل سنوات قام بالزواج من امرأة أخرى، وأصر على أن يسكنها معنا بنفس المنزل، ولكن أمي ونحن رفضنا ذلك حتى لا تكثر المشاكل، وقمنا بترك المنزل وأخذنا منزلا آخر سكنا به مع إخواني وأمي وأخواتي حتى نرتاح ونعيش بهدوء.
ولكن أبي رافض ذلك، ولا يريد لنا أن نسكن مع أمي، ويطلب منا تركها بالرغم من أنها غير مذنبة، ونحن كلنا نعرف أن أبي هو الغلطان في حقها، وأنها صبرت عليه وهي مظلومة، وقد حاولنا قدر الإمكان أنا وإخواني أن نصلحه، ولكنه رافض جدا، وشرطه ترك أمي، والعودة والعيش معه بالرغم من أنه لا يصرف علينا حتى عندما كنا نعيش معه، نحن نقوم بزيارته كل أسبوع، ولكنه لا يستقبلنا ويحاول أن يتهرب منا، ودائما يقول بأنه غير راض عنا.
هل ما قمنا به بالمحافظة على أمي والعيش معها يعتبر خطأ، ويجب العيش مع والدي بالرغم من أنه متزوج بأخرى، وبالرغم من أن أمي تعبت كثيرا معه ولم تقصر بحقه.
أرجو الإجابة على سؤالي لأني خائفة من عقاب الآخرة بالرغم أنني حاولت التحدث معه، وإخوانه حاولوا وأصحابه، وهو غير راض إلا بشروط صعبة، مثل ترك أمي وحيدة، وأن لا نرتبط بإخواني إذا لم يقبلوا بترك أمي.
نحن بين خيارين صعبين أمي أو أبي، ونحن اخترنا أمي لأنها مظلومة، ولم تتركنا. أما أبي فقد تزوج من أخرى ولا يقوم بواجباته نحونا كأب .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حقّ أمك أن ترفض السكن مع زوجة أبيكم، ويجب عليه أنّ يوفرّ لها مسكناً مستقلاً لا تتعرض فيه لضرر، قال الكاساني: وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا أو مع أَحْمَائِهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا وَأَقَارِبِهِ فَأَبَتْ ذلك عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ. بدائع الصنائع.

وأمّا عن طلب أبيكم أن تسكنوا معه وتتركوا أمّكم، فالأولاد الصغار دون سنّ المميّز حضانتهم لأمّهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779.

وأمّا الأولاد الكبار دون البلوغ وبعد التمييز فالراجح من مذاهب العلماء أنّهم يخيّرون في الإقامة عند أبيهم أو أمّهم، وانظري الفتوى رقم: 50820 .

وعلى هذا فمن حقّكم أن تختاروا الإقامة مع أمّكم، مع مداومة برّ أبيكم وزيارته والإحسان إليه، لكن لا يجوز لكم طاعته في مقاطعة أمّكم، وإنما عليكم أن تجمعوا بين برّ أبيكم وأمّكم ما استطعتم، مع السعي للإصلاح بينهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني