السؤال
إن سمحتم لي أريد تفسيرا دقيقا لحديث إنما الأعمال بالنيات ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما الحديث المتفق عليه: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمعناه كما قال الْخَطَّابِيّ: أَنَّ صِحَّة الْأَعْمَال وَوُجُوب أَحْكَامهَا إِنَّمَا تَكُون بِالنِّيَّةِ، وَأَنَّ النِّيَّة هِيَ الْمُصْرِفَة لَهَا إِلَى جِهَاتهَا، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَعْيَان الْأَعْمَال لِأَنَّ أَعْيَانهَا حَاصِلَة بِغَيْرِ نِيَّة. وقوله: ( وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى ) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ تَعْيِين الْمَنْوِيّ شَرْط، فَلَوْ كَانَ عَلَى إِنْسَان صَلَوَات لَا يَكْفِيه أَنْ يَنْوِي الصَّلَاة الْفَائِتَة بَلْ شَرْط أَنْ يَنْوِي كَوْنهَا ظُهْرًا أَوْ غَيْره فَلَوْلَا هَذَا الْقَوْل لَاقْتَضَى الْكَلَام الْأَوَّل أَنْ تَصِحّ الْفَائِتَة بِلَا تعيين. انتهى .
وقال النووي: أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِظَم مَوْقِع هَذَا الْحَدِيث، وَكَثْرَة فَوَائِده وَصِحَّته، قَالَ الشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ : هُوَ ثُلُث الْإِسْلَام. وَقَالَ الشَّافِعِيّ : يَدْخُل فِي سَبْعِينَ بَابًا مِنْ الْفِقْه.... قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة وَالْأُصُول وَغَيْرهمْ : لَفْظَة ( إِنَّمَا ) مَوْضُوعَة لِلْحَصْرِ تُثْبِت الْمَذْكُور وَتَنْفِي مَا سِوَاهُ . فَتَقْدِير هَذَا الْحَدِيث : إِنَّ الْأَعْمَال تُحْسَب بِنِيَّةٍ، وَلَا تُحْسَب إِذَا كَانَتْ بِلَا نِيَّة ... قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى ) قَالُوا: فَائِدَة ذِكْره بَعْد إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ، بَيَان أَنَّ تَعْيِين الْمَنَوِيّ شَرْط، فَلَوْ كَانَ عَلَى إِنْسَان صَلَاة مَقْضِيَّة لَا يَكْفِيه أَنْ يَنْوِي الصَّلَاة الْفَائِتَة، بَلْ يُشْتَرَط أَنْ يَنْوِي كَوْنهَا ظُهْرًا أَوْ غَيْرهَا، وَلَوْلَا اللَّفْظ الثَّانِي لَاقْتَضَى الْأَوَّل صِحَّة النِّيَّة بِلَا تَعْيِين أَوْ أَوْهَمَ ذَلِكَ. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني