السؤال
ما حكم تفويت صلاة الفجر إذا لم تسمع الأذان؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المقصود بتفويت صلاة الفجر تفويتها حتى يخرج وقتها بالمرة، أي حتى تطلع الشمس. فالواجب أن يعلم كل مسلم أن تعمد إخراج الصلاة عن وقتها إثمٌ عظيم وذنبٌ جسيم، أعظم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين كما نقله ابن القيم في أول كتاب الصلاة، وأما النوم مع الأخذ بأسباب الاستيقاظ فهو عذرٌ مُسقطٌ للمؤاخذة، فإن وقت الصلاة في حق النائم حين يستيقظ.
وينبغي للنائم أن يأخذ بالأسباب التي تُعينه على القيام للصلاة من ضبط منبهٍ أو نحوه، أو توكيل من يوقظه للصلاة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر بلالاً أن يرقب لهم الليل، ولا خلاف في مشروعية الأخذِ بأسباب الاستيقاظ للصلاة، وإن وقع الخلاف في وجوب ذلك.
فنص كثيرٌ من العلماء على عدمِ الوجوب، لأن الصلاة لا تجب إلا بدخول الوقت فهو غير مُخاطبٍ بها قبل دخول الوقت، وما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، كما لا يجب تحصيل نصاب الزكاة، ولا تحصيل الاستطاعة للحج.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوب الأخذ بأسباب الاستيقاظ، وأن النائم إذا قصر في ذلك لحقه الإثم وتعرض للوعيد، قال العلامة العثيمين رحمه الله: ثم إن النائم الذي رفع عنه القلم هو الذي ليس عنده من يوقظه أو يتمكن من إيجاد شيء يستيقظ به، أما شخص عنده من يوقظه أو يتمكن من إيجاد شيء يستيقظ به كالساعة وغيرها ولم يفعل فإنه ليس بمعذور .انتهى
وقال أيضاً: لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر، والنوم قد لا يكون عذرا لكل واحد فإنه يتمكن من النوم مبكراً ليستيقظ وقت الصلاة، وكذا يوكل من يوقظه من أبويه أو أحد إخوته أوجيرانه، أونحوهم ومع ذلك يهتم للصلاة ويشتغل قلبه بها حتى إذا قرب الوقت أحس به ولوكان نائما. انتهى
وقال رحمه الله: الحكم أنه لا يجوز لأحد أن يتهاون في الصلاة حتى يخرج وقتها، وإذا كان الإنسان نائما فإنه بإمكانه أن يوكل من يوقظه حتى يصلي ولا بد من ذلك. انتهى
وقال: إذا كان بإمكانه أن ينام مبكراً ليستيقظ مبكراً، أو يجعل عنده ساعة تنبهه، أو يوصي من ينبهه فإن تأخيره الصلاة وعدم قيامه يعتبر تعمداً لتأخير الصلاة عن وقتها فلا تقبل منه. انتهى.
ويدل لقوة هذا القول، قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: فإن استطعتم ألا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. فهو أمرٌ بالأخذ بالأسباب المؤدية إلى ألا يُغلب المكلف على الصلاة.
والقول بوجوب الأخذ بأسباب الاستيقاظ قول وجيه، ودليله قوي، وعليه فزعمُ عدم سماع النداء مع التقصير في الأخذ بالأسباب موجبٌ للحوق الوعيد، نسأل الله العافية.
وأما إن كان المقصود بتفويت الصلاة تفويت الجماعة لأجل عدم سماع النداء ،فإن الجماعة إنما تجبُ على من يسمع النداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب فإني لا أجد لك رخصة. أخرجه مسلم.
ومع هذا فالأولى لكل مسلم أن يحرص على فعل الصلاة في الجماعة ما أمكن، لما يترتب على فعلها من عظيم الأجر، وجزيل الثواب.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني