السؤال
أعطاني رجل مبلغا من المال وجده في مكان عملي لكي أعطيه لمكتب المفقودات ولم أودع المبلغ وأنا نادم على ما فعلت ولا أعرف ماذا أفعل؟ المبلغ من فئة مائة يورو وقد صرفتها في وقتها بأربعمائة ريال سعودي، أفتوني؟
أعطاني رجل مبلغا من المال وجده في مكان عملي لكي أعطيه لمكتب المفقودات ولم أودع المبلغ وأنا نادم على ما فعلت ولا أعرف ماذا أفعل؟ المبلغ من فئة مائة يورو وقد صرفتها في وقتها بأربعمائة ريال سعودي، أفتوني؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمال الذي دفعه إليك صاحبك يعد لقطة، والواجب فيه أن يؤخذ بنية التعريف به لا بنية التملك فيجب على من وجده أن يعرفه، وإن دفعه إلى من مثله في الأمانة ليعرفه جاز.
جاء في المنتقى شرح الموطأ: وَلَوْ دَفَعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إِلَى غَيْرِهِ يُعَرِّفُهَا فَضَاعَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِهَا مَا شِئْت، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إِلَى مِثْلِهِ فِي الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَ لَهُ اصْنَعْ بِهَا مَا شِئْت، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إِلَى مِثْلِهِ فَهُوَ قَدْ أَعْلَمُهُ بِأَصْلِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ لَهُ اعْمَلْ بِهَا مَا شِئْت؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَعْمَلَ بِهَا إِلَّا مَا لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي اللُّقَطَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ يَدِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَدِيعَةَ صَاحِبَهَا وَلَمْ يَرْضَ إِلَّا بِأَمَانَتِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا اللُّقَطَةُ فَلَمْ يَأْخُذْهَا بِاخْتِيَارِ صَاحِبِهَا فَكَانَتْ حَالُهُ وَحَالُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْأَمَانَةِ سَوَاءً؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لِحِفْظِهَا .انتهى
وقيام الشخص المذكور بدفع المال إليك لتودعه في مكتب المفقودات تصرف صحيح يحقق المراد لأن صاحب المال غالبا ما يسأل عن ماله في هذا المكان.
وأما تصرفك في المال وأخذه لنفسك فإنه خيانة وأكل لمال الغير بالباطل، ويجب عليك التوبة إلى الله تعالى وإيداع المبلغ مائة يورو في مكتب المفقودات، إن كان هذا المكتب جهة موثوقة من قبل ولي الأمر، ومظنة البحث عن اللقطة فيه، وإلا وجب عليك التعريف بالمال مع ضمانه له إن تلف أو ضاع منك بسبب تعديك على اللقطة.
جاء في مطالب أولي النهى: فيحرم على من لا يأمن نفسه عليهاـ أي اللقطة أخذها ويضمنها أي بأخذها إن تلفت مطلقا سواء كان تلفها بتفريط أو بدونه لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه فضمنه كالغاصب.
والغاصب لا يبرأ من الضمان إلا برد المغصوب إلى صاحبه أو دفعه إلى القاضي ليرده إلى صاحبه لأن يد القاضي نائبة عن يد المالك.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني