السؤال
دخلت العقد الرابع من عمري وفاتتني صلوات كثيرة منذ فرضها علي لغاية وصولي لهذا العمر، وأعتقد بأنني تجاوزت عشرات السنين لم أصل بها . وكما سمعت من أحاديث بأنه يجب علي أن أعوض صلواتي الفائتة بعدة طرق إما بالصلاة مرة أخرى بعد الفريضة أو بالنوافل والله اعلم .
وبعد أن حسبتها وجدت أنه يجب علي أن أصلي عشرات السنين لأعوضها . والله أعلم متى سأموت، يمكن أن أموت غدا ولا أستطيع أن أعوض كل ما فاتني من صلوات .
وسؤالي هو: هل إذا ذهبت إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وصليت الفرائض في بيت الله ومسجد رسول الله تعوض جزءا مما فاتني ؟ لأنني سمعت بأن من صلى في بيت الله في مكة المكرمة فكأنما صلى 100 ألف ركعة بدل كل ركعة، ومن صلى في مسجد رسول الله بأنها تعادل 1000 صلاة . فهل هذا يعوض الصلوات التي فاتت علي ؟
جزاكم الله كل خير، وبارك الله بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في من ترك الصلاة عمدا، فقال الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة يلزمه قضاؤها مع التوبة والندم، ولا تبرأ ذمته إلا بذلك، وقال شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم: لا يشرع له قضاؤها، بل عليه التوبة والندم والإكثار من النوافل، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 20354.
وإنما يجب القضاء حسب الطاقة بما لا يحصل به ضرر على الدين والدنيا، وانظر الفتوى رقم: 19423.
ومن مات بعد التوبة وهو يجتهد في قضاء ما عليه فلا إثم عليه إن شاء الله لأنه فعل ما يقدر عليه، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}، وقال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة 286}.
والصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت فيها ما ذكرته من الفضل، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
وعن ابن الزبير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ. رواه أحمد وصححه ابن حبان.
فالصلاة في المسجدين مرغب فيها لما لها من الفضل العظيم، ولا شك أن لها أثرا عظيما في حط الذنوب وتثقيل الموازين، ولكن هذا لا يعني أن صلاة في المسجد الحرام تسقط مائة ألف صلاة مما استقر في الذمة، فإن ما استقر في الذمة لا يسقط إلا بأدائه، ولا تبرأ الذمة إلا بفعله، وهذه المضاعفة في الثواب تفضل من الله وامتنان، ولا تخرج الصلاة المفعولة عن كونها صلاة واحدة.
والله أعلم.