السؤال
في بادئ الأمر أحب أن أشكركم على مجهودكم وجزاكم الله خيرا.
المشكلة يا سيدي أن أبي تجاوز الستين من عمره 65 وهو يصلي في المنزل ويصلى وهو جالس جميع الفروض وإحساسي أنه يصلى بغير خشوع ويستمع إلى القرآن ولا يقرؤه ولا يصلي في المسجد إلا الجمعة فقط وقد تكلمت معه قبل ذلك بلطف عن صلاة الجماعة وفضلها وعن الصلاة في المسجد وعن قراءة القرأن ولكن لا يستجيب وهو لا يعمل منذ سن الأربعين تقريبا لخروجه بمعاش مبكر وهو بصحة جيدة والحمد لله فكل هذه السنوات كما هو لا جديد وحيث إنه في المنزل طوال الوقت يتكلم أمامنا عن الناس أو الجيران في صفاتهم وحياتهم هذا يسرق وهذا يفعل كذا وهذا يفعل كذا ونحن يا سيدي لا نريد أن يغضب علينا الله سبحانه وتعالى وأن يكون علينا وزر من كلامه في حق الناس . فماذا أفعل معه ؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وقع والدك – عفا الله عنه وغفر له – في جملة من المخالفات الشرعية، والتي نجملها فيما يلي:
1- صلاة الفريضة قاعدا مع كونه يتمتع بصحة جيدة ويقدر على القيام وهذه الصلاة باطلة، لأن القيام في صلاة الفرض ركن لا بد منه، ولا يجوز لأحد أن يصلي قاعدا إلا عند عجزه عن القيام، أو في حال كون القيام يشق عليه مشقة شديدة بحيث يذهب خشوعه بسبب مكابدته لذلك، وكذا لو كان القيام يزيد في مرضه، أما من يستطيع القيام لمصالحه الدنيوية، فيلزمه أن يصلي قائما ولا يجوز له القعود،.
قال النووي رحمه الله: وأما الفرض فإن صلاه قاعدا مع قدرته على القيام لم يصح فلا يكون فيه ثواب بل يأثم به قال أصحابنا (الشافعية): وان استحله كفر وجرت عليه أحكام المرتدين كما لو استحل الزنى والربا أو غيره من المحرمات الشائعة التحريم. انتهى.
وأما بالنسبة لما مضى من هذه الصلوات فإن كان أبوك جاهلا بهذا الحكم فلا إعادة عليه على الراجح من أقوال أهل العلم، أما إن كان عالما وتعمد المخالفة فإنه مع ما لحقه من إثم تلزمه الإعادة وتراجع الفتوى رقم: 104802.
2- ترك الصلاة في جماعة, وقد سبق لنا أن بينا أن الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة واجبة، وراجع في ذلك هاتين الفتويين: 1798، 1415.
3- ما يكون منه من حديث عن الناس والطعن فيهم وذكر عيوبهم ومساوئهم، وهذه هي الغيبة المحرمة بإجماع المسلمين بل هي كبيرة من الكبائر، وقد بينا حكم الغيبة وكيفية التوبة منها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12890، 66515، 6710.
فالواجب عليكم هو دوام النصح لوالدكم نسأل الله أن يهديه وأن يوفقه للتوبة، ثم إذا جلستم معه فتناول بعض الناس بالغيبة والطعن فعليكم أن تذكروه بحرمة ذلك بأسلوب لين رفيق، فإن أصر على ذلك فعليكم أن تقوموا من مجلسه حتى لا تكونوا شركاء له في الإثم بالاستماع إليه، فإن الغيبة كما حرم النطق بها حرم الاستماع إليها.
فإن فعلتم ذلك ونصحتموه ودعوتم له بالهداية والتوفيق، فقد برئتم من فعله وليس عليكم من وزره شيئا، فإنه قد تقرر في دين الله أنه لا تزور وازرة وزر أخرى.
والله أعلم.