السؤال
سؤالي: هو هل يجوز العمل بما ورد في الأحاديث الضعيفة؟ وما حكمها؟ وهل أهل الكشف والفتح كما يقول البعض يستطيعون تصحيح هده الأحاديث؟ مع العلم أن في بعض هذه الأحاديث أذكارا وأدعية معينة في مناسبات وشهور معينة.
وفي سياق متصل هل يجوز العمل بما عمل به الشيوخ والعلماء العاملون والصالحون من أذكار و أدعية معينة في أيام و شهور معينة اقتداء بهم و تبركا بأفعالهم و امتثالا لقول من أوصى بها مثلا دعاء أول وأخر السنة, دعاء اليوم الأخير من صفر, دعاء ليلة النصف من شعبان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جماعة من أهل العلم قد رخصوا في رواية الحديث الضعيف والعمل به في غير العقائد والأحكام، بثلاثة شروط:
الأول: أن لا يشتد ضعفه.
ثانيا: أن يندرج تحت أصل معمول به.
ثالثا: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد صاحبه الاحتياط.
وراجع للمزيد فيما ذكر الفتاوى التالية أرقامها: 19826، 19651،114292، 41058.
وأما أن يصحح الحديث الضعيف بالكشف فهو قول ينسب لبعض الصوفية وهو مردود لأن المكاشفات لا يمكن الجزم بها، قال صاحب المراقي: وينبذ الإلهام بالعراء === أعني به إلهام الأولياء .
وقال شيخ الاسلام في درء تعارض العقل والنقل: كل ذي مكاشفة إن لم يزنها بالكتاب والسنة وإلا دخل في الضلالات، وأفضل أولياء الله من هذه الأمة أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأفضل من كان محدثا من هذه الأمة عمر للحديث وللحديث الآخر إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه، ومع هذا فالصديق أفضل منه لأن الصديق إنما يأخذ من مشكاة الرسالة لا من مكاشفته ومخاطبته، وما جاء به الرسول معصوم لا يستقر فيه الخطأ، وأما ما يقع لأهل القلوب من جنس المخاطبة والمشاهدة ففيه صواب وخطأ وإنما يفرق بين صوابه وخطئه بنور النبوة كما كان عمر يزن ما يرد عليه بالرسالة، فما وافق ذلك قبله وما خالفه رده، قال بعض الشيوخ ما معناه قد ضمنت لنا العصمة فيما جاء به الكتاب والسنة ولم تضمن لنا العصمة في الكشوف، وقال أبو سليمان الداراني إنه لتمر بقلبي النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدين اثنين الكتاب والسنة، وقال أبو عمرو إسماعيل بن نجيد كل ذوق أو كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل، وقال الجنيد بن محمد علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يصلح له أن يتكلم في علمنا...انتهـى
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : وقد ذكر طوائف من الفقهاء من الشافعية والحنفية المتكلمين في أصول الفقه مسألة الإلهام هل هو حجة أم لا، وذكروا فيه اختلافا بينهم، وذكر طائفة من أصحابنا أن الكشف ليس بطريق إلى الأحكام وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذم المتكلمين في الوساوس والخطرات وخالفهم طائفة من أصحابنا في ذلك، وقد ذكرنا نصا عن أحمد ههنا بالرجوع إلى حواز القلوب وإنما ذم أحمد وغيره المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كان كلامهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعي بل إلى مجرد رأي و ذوق كما كان ينكر الكلام في مسائل الحلال والحرام بمجرد الرأي من غير دليل شرعي، فأما الرجوع إلى الأمور المشتبهة إلى حواز القلوب فقد دلت عليه النصوص النبوية وفتاوى الصحابة فكيف ينكره الإمام أحمد بعد ذلك لا سيما وقد نص على الرجوع إليه موافقة لهم....انتهـى.
وأما عمل البعض بتخصيص أوقات لعبادات معينة فهو من البدع التي يتعين تجنبها فلا خير فيما لم يأت في السنة ولا فعله الصحابة الكرام ولا من تبعهم بإحسان، إذ هو أمر محدث ولو كان خيراً لفعله من هو خير منا وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم.
كما أن تخصيص الدعاء بصفر لا دليل عليه وقد كان العرب الأولون يتشاءمون بشهر صفر فأبطل الإسلام ذلك ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا طيرة ولا هامة ولا صفر. رواه البخاري ومسلم.
أما دعاء آخر السنة فهو بدعة ضلالة وكذا دعاء أول السنة كما قال صاحب السنن والمبتدعات .
وراجع في ليلة النصف من شعبان الفتوى رقم : 6088.
فالواجب تجنب جميع ذلك والخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع، ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم خيرا إلا دلنا عليه ولا شرا إلا وحذرنا منه.
والله أعلم.