السؤال
أنا من المغرب وأسكن في ايطاليا، توافقت عودتي من بلدي إلى بلاد المهجر مع اليوم الأول من رمضان المبارك وبما أن السفر كان عبر الطائرة لم نفطر بل سافرنا صائمين, وفي الليلة نفسها نزل علي دم بعد أسبوع من اغتسالي من دم الحيض والسبب هو أني لم أكمل أخذ حبات تنظيم الحمل لأني لم أجدها لمدة 3 أيام. عندما رأيتها قلت سأصوم تسحرت قبل الفجر وفي الصباح أفطرت وللأسف سألت الطبيبة عن هذا وقالت إنها ليست دم حيض حقيقية وقد تأتيني مرة أخرى في نفس الشهر, اشتريت الدواء وأتممت إفطار ذلك اليوم قلت مع نفسي سأحسب هذه دم حيض وأشرب الدواء فلا أفطر في آخر الشهر لأنها لن تأتيني مرة أخرى في نفس الشهر إذا شربته طول أيام شهر الصيام, وفي نفس الوقت أقول لو أفطرت عمدا لا يجزئه صيام الدهر ثم ندمت وكنت يومها متعبة من السفر والسهر فقررت أن أصوم صمت يومين مع وجود الدم لكن لم أصل ثم اغتسلت وقضيت الصلاة و3 أيام, يوم أفطرته ويومان صمت والدم ينزل فماذا علي أن أفعل. الله يجازيكم بالخير فأنا ما كنت لأفكر يوما أن أفطر عمدا والآن خائفة من أن يكون ما قمت به هو الإقطار العمد. الدم كان قاتما نوعا ما ولها رائحة أعزكم الله ولكن تبقى في غير وقتها وأظن أن هذا هو المهم. إذا كانت هناك معلومات تريدون معرفتها كي تعرفوا بم تفتوني فأرسلوها لي عبر البريد الالكتروني وأرسلها بإذن الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسواءٌ حكمنا على هذا الدم بأنه دم حيضٍ أو دم استحاضة فقد قضيتِ هذه الأيام الثلاثة التي هي محل الإشكال، فلا يلزمكِ أكثرُ من هذا، وقد كان يمكنكِ أن تفطري في أول يومٍ لأجل السفر ولا يؤثرُ في ذلك كون السفر كان بالطائرة، ونرجو ألا يكونُ عليكِ إثم من تعمد الفطر في نهار رمضان لأنكِ كنتِ متأولة لم تتعمدي الفطر، وننصحكِ بالاجتهاد في تعلم أحكام الدين، وسؤال أهل العلم الموثوقين لئلا تقعي في مثل هذه المخالفات.
وهذا الدمُ إن حكمنا بأنه استحاضة فقد أخطأتِ في ترك الصلاة في هذه الأيام، وفي فطر اليوم الذي أفطرته، وإن حكمنا بأنه حيض فقد أخطأتِ في فعل الصيام مع وجود الحيض وهو مجمعٌ على تحريمه، ولا يعصمكِ من هذا الغلط ويدلكِ على وجه الصواب فيما تأتين وتذرين إلا العلم النافع المُتلقى عن أهله الموثوقين.
وأما بالنسبة لهذا الدم فإن كنتِ قد رأيته في زمنٍ يمكن اعتباره فيه حيضا بأن يكون أتاكِ في مدة الخمسة عشر يوماً التي هي أكثر مدة الحيض عند الجمهور أي بأن كان مجموع أيامه مع أيام الطهر وأيام الحيض قبله خمسة عشر يوما فهو حيض وإن لم يتكرر هذا الحال ثلاث مرات على مذهب الشافعية خلافا للحنابلة الذين اشترطوا تكرره ثلاثا، فعلى القول الأول كان عليك أن تعتبري نفسك حائضا بمجرد رؤية الدم العائد ما دام قد تحقق فيه الشرط السابق، وعلى مذهب الحنابلة عليك أن تفعلي ما تفعله الطاهرات حتى يتكرر ذلك ثلاث مرات فإذا تكرر ثلاثا تبين أن عادتك قد تغيرت وبأي المذهبين عملت لا حرج عليك إن شاء الله، هذا كله إذا تحقق الشرط السابق وهو كون مدة الدمين الأول والثاني والبقاء بينهما لم تجاوز خمسة عشر يوما، أما إذا جاوز ذلك فلا يمكن اعتباره حيضا فهو دمُ استحاضة فتفعلين ما تفعله الطاهرات من الصيام والصلاة، ولو راجعتِ الفتاوى المتعلقة بالحيض في موقعنا زالت عنكِ إشكالاتٌ كثيرة في هذا الباب المهم لا سيما الفتوى رقم: 100680. نسأل الله أن يرزقنا وإياكِ علماً نافعاً وعملاً متقبلا.
والله أعلم.