الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من القريبة بدون رضا الأب

السؤال

أنا عمري الآن 23 عاما وكنت قد أحببت ابنة خالتي وأنا عمري 17 عاما، ولكني خشيت أن تكون أحاسيس مراهقة فلم أبح لأحد ولا لها وتزوجت وأنجبت طفلة ثم انفصلت بسبب سوء أخلاق الزوج وكاد أن يذبحها فعلاً وهي أصغر مني سنا وما زلت أحبها حباً شديداً، مع العلم بأنها على خلق ودين وعلم بشهادة الناس، ولكن أبي يضيق علي بلا وجه حق ويريد أن يسلب مني مالي كله لتفسد الزيجة، فهل لو امتنعت عن إعطائه المال أنا آثم وهل أخطأت أصلاً لأني أردت الزواج بمن أحببت وهي ثيب ولله الأمر من قبل ومن بعد فأرجو الإفادة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن حق الوالد على ولده عظيم، كما أن بره والإحسان إليه من أعظم ما يقرب إلى الله، ومن حق الوالد على ولده أن يأخذ من ماله ما يحتاج إليه، إذا كان الولد يملك ما يزيد عن حاجاته الأصلية، وعند الحنابلة يجوز للوالد أن يأخذ ولو لم يكن محتاجاً، ولكن على كل الأقوال لا يجوز له أن يأخذ من مال ولده ما يجحف به أو يضره.

قال ابن قدامة في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها صغيراً كان الولد أو كبيراً بشرطين أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته، الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر.

وعلى ذلك فإذا امتنعت عن دفع مالك الذي تحتاجه للزواج وتستضر بدفعه، فلا إثم عليك..

أما عن رغبتك في الزواج من الثيب فلا حرج في ذلك ما دامت ذات دين، لكن الأصل أن البكر أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى جابراً بذلك، فعن جابر بن عبد الله قال: تزوجت امرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر تزوجت. قلت: نعم، قال: بكر أم ثيب. قلت: ثيب، قال: فهلا بكراً تلاعبها، قلت: يا رسول الله إن لي أخوات فخشيت أن تدخل بيني وبينهن. قال: فذاك إذاً، إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك. متفق عليه واللفظ لمسلم.

ولكن ما دمت ترغب في الزواج من ابنة خالتك، فعليك بالاجتهاد في إقناع والدك بذلك، ويمكنك أن تستعين ببعض العقلاء من أقاربك أو بغيرهم من أهل الدين والمروءة لإقناعه، فإن أصر على رفضه وكان لرفضه مبرر مقبول فلتتركها ولتبحث عن بكر ذات دين، فإن طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من فتاة بعينها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97876.

إلا أن يكون في تركك زواجها ضرر كبير أو خشية الوقوع في المحرم، فعندئذ يجوز لك زواجها بدون رضاه، لكن على كل حال عليك بره والإحسان إليه، واحذر أن تعقه أو تسيء إليه، واعلم أن في الصبر ومخالفة الهوى الخير الكثير والأجر الكبير، قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {هود:115}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني