السؤال
أنا شاب أعزب وتعرفت على فتاة من خلال الإنترنت وأحبها وتحبني حبا كبيراً -خلال معرفتي بها وجدتها عنيدة وصاحبة شخصية قوية ولكن مع مرور الأيام أشعر أنها أصبحت معي بنتا عادية وتخلت عن إصرارها وقوة شخصيتها أمامي علما بأنني عنيد وذو شخصية- هي بنت عادية الالتزام وقد شرحت لها أنني أريد بنتا ملتزمة أكثر وهي موافقة على كل شروطي بخصوص النقاب وغير ذلك، مشكلتي أن هذه البنت من بلدةغير بلدتي وعندما تحدثت مع والدي ووالدتي رفضا الموضوع رفضا تاما حتى من غير ما يعرفون أي تفاصيل عن البنت أو أهلها أو أي شيء رفض لمجرد أنها من بلدة أخرى وهم يريدون لي زوجة من نفس بلدتي، أنا أتحدث مع البنت فى التليفون ومن خلال النت وأعلم أن هذا غير صحيح ولكنى أخاف على نفسي من الزنا ولا أعطي لنفسي المبرر لكلامي معها ولكني أريد زوجة صالحة تعفني فقط لا غير وأشعر أن هذه البنت بإمكانها إسعادي بإذن الله وأشعر أنها قريبة مني وأريدها زوجة لي، ولكني أخاف من رفض والدي وأخاف من أنني تعرفت عليها من خلال الإنترنت، فماذا أفعل وأنا المدافع دائما عن استحالة وجود علاقه بين ولد وبنت من خلال النت ولكني تجرعت من نفس الكأس وأخاف من تبعات هذا التصرف وفى نفس الوقت أخاف من الارتباط بها على غير موافقة أهلي خصوصا والدي مع العلم بأن البنت ترتدي إسدال وتحفظ القرآن وتريد الاستمرار فى الالتزام بمساعدتي مستعدة لفعل أي شيء لله أولاً ثم لي، هل أنا ممن ينطبق عليه القول (أولئك الذين أساؤ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) أم ماذا وأنا أشعر بصدق كلامها وقابلتها ورأيتها ولم أرتح لها لا أعرف لماذا؟ وخايف من كلامها قلقت منها وفي نفس الوقت أشعر أنها زوجتي مع وجود خوف مما ذكرت سالفاً، فماذا أفعل أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما تعرفك على هذه الفتاة من خلال النت، ومحادثتها عن طرق الهاتف، فقد كفيتنا مؤنة الفتوى في ذلك وأفتيت أنت نفسك أن هذا لا يصح، لكن بقي لنا أن نقول لك: ما دمت تعلم أن هذا لا يصح فلم المداومة على الفعل وعدم التوبة إلى الله سبحانه منه؟ أما سمعت نداء مولاك في كتابه العزيز: وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ {الأنعام:120}، وأما قولك "وأعلم أن هذا غير صحيح ولكني أخاف على نفسي من الزنا" فهذا مثار دهشة ومبعث عجب، إذ كيف تخشى على نفسك الزنا وأنت تسلك طرقه وتقتحم أبوابه، وتأخذ بأسبابه، أما علمت أن ما تقوم به من حديث مع هذه الفتاة ولقاء بها وما يستتبع ذلك من النظر إليها والتعلق بها كل ذلك من مقدمات الزنا وذرائعه، وأنك بفعلك هذا تصير ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه.
فإن كنت جاداً في الرغبة من الزواج بها فاستخر ربك أولاً ثم حاول إقناع والديك بالأمر فإن استجابا فتقدم لخطبتها من وليها، أما إذا رفض والدك فعليك أن تترك هذه الفتاة وأن تنسى هذا الأمر لأن طاعة الوالدين واجبة، وبرهما فرض ينبغي أن يقدم على ما سواه من المباحات والرغبات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا. انتهى.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في كل ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات.
ويتأكد هذا الترك مع ما ذكرت من كونك تشعر بعدم الراحة من هذه الفتاة، وتحس بالقلق والتوجس منها ومن حديثها، وأما قولك إنك تشعر أنها زوجتك فهذا من خطوات الشيطان وتلاعبه بك، لأنها الآن أجنبية عنك قطعاً، والمستقبل لا يعلمه إلا الله.
أما القول الذي تسأل عنه فهو آية كريمة من كتاب الله سبحانه ولكن ليس كما ذكرت، وصوابها: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا {الكهف:103-104}، ولا نحسب أنك في هذا الحال الذي ذكرت ممن يدخل تحت وعيد هذه الآية، لأنك تعترف بإثم وخطأ ما تقوم به، ولا تحسب أنك تحسن صنعاً، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 105484، 65580، 108752.
والله أعلم.