السؤال
ما الإعجاز الديني في الرقم 40، الذي يوجد في عدد من الأحاديث، وكثير من الآيات؟ فهذا الرقم هو بداية عمر الرسالة المحمدية، وهو بداية الدعوة، وهو بداية نزول الوحي، وهو عمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أرسل إليه فيه، وكثيرًا ما يذكر في القران 40 يومًا، و40 سنة، وهكذا، وورد في كثير من الأحاديث، وجاء أيضًا عن سيدنا نوح.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن هذا الدين العظيم، وكتابه الخالد، وتشريعه الملائم لكل زمان ومكان، فيه من الإعجاز ما يبهر العقول، عرف ذلك من عرفه، وجهله من جهله.
وما على المسلم المهتم بهذا المجال -إذا كان صاحب ملكة- إلا أن يتدبر نصوص الوحي، وما تضمنته من عقائد، وعبادات، ومعاملات، وأخلاق، وأخبار، وقصص، ويعرض ذلك على عقله بتجرد، وإخلاص، ويقارنه بغيره من الكتب، والشرائع، والنظم؛ فسيجد العجب العجاب، ويكتشف من الإعجاز في هذه المجالات، وغيرها ما يطمئن المؤمن، ويخرس المعاند؛ مصداقًا لقول الله تعالى: سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ {فصِّلت:53}.
وقد يفتح الله تعالى على بعض عباده، ويرزقهم فَهْم ما لم يسبقوا إليه في هذا المجال، كما قال الحكيم:
وقسمة الأشياء فيها يدخل فهم المسائل التي قد تشكل.
وبخصوص الرقم أو العدد المذكور؛ فقد ورد في القرآن الكريم أربع مرات: ثلاثة منها في قصة موسى -عليه السلام-: اثنتان منهما في وعد الله تعالى له، والثالثة في مدة التيه. وأما الرابعة، فهي في بلوغ الإنسان أشده.
كما ورد هذا العدد في السنة كثيرًا: فمن ذلك نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأربعين، وأن من صلّى عليه أربعون شفعهم الله فيه، وأطوار خلق الجنين، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم أربعين صباحًا على رعل وذكوان..، وأن ريح الجنة يوجد من مسيرة أربعين، وما بين مصراعين من مصارعها أربعون، وأن الوقوف أربعين خير من المرور بين يدي المصلي، والتوقيت في خصال الفطرة أربعون، وأن من أتى عرّافًا، لم تقبل صلاته أربعين، ومكوث الدجال..
وقد ورد في القرآن والسنة أعداد أخرى غير الأربعين؛ ولذلك فإننا لا نقول: إن في الأربعين إعجازًا دون غيرها من الأعداد، ولا ننفيه، إلا إذا تبين ذلك بدليل علمي واضح، وإقحامه في الإعجاز من غير دليل، لا يجوز؛ لما فيه من القول على الله بغير علم.
ولمعرفة بعض الضوابط التي لا بد منها للخوض في هذا المجال، نرجو أن تطلع على الفتوى: 17108.
والله أعلم.