السؤال
أعاني من كثرة الشك في الصلاة فكنت مثلا أرفع للركعة الثالثة وقد أبدأ في قراءة الفاتحة ثم أشك في أني لم أسجد السجدة الثانية في الركعة الثانية أو أشك في أني لم أقل التشهد الأول فأقطع القراءة وأعيد ما شككت فيه ... في الآونة الأخيرة قرأت أنه لا يجوز قطع الركن وعليّ إكمال الصلاة ثم الإتيان بالركعة كاملة ثم سجود السهو..لكني كثيرة الشك ووطأة الشك أشد من معرفتي بحرمة قطع الركن للإتيان بالواجب فلا أرتاح عندما لا أعيد ... لكني أعرف أن الإعادة محرمة لكن لا أتيقن ذلك لأن الشك أخذ تفكيري ولم أكن مستوعبة بأن القطع يبطل الصلاة فأنا أعاني من شدة الشك الذي يغطي على تفكيري وفي بعض الأحيان استصعب إعادة ركعة كاملة عند الشك لأني حتما سأشك من جديد فأحس أن قطع الركن أرحم وأريح لقلبي من الإتيان بالركعة بعد إتمام الصلاة لأني قد أصلي خمسا أو ستا بدلا من الأربع ركعات ؟ فهل عليّ شيء ؟ فقد عزمت على عدم قطع الركن بعد معرفتي اليقينية بحرمة ذلك فسابقا كنت أعرف بحرمة ذلك لكني لا أعلم لماذا كنت أحس بأن تحريمه مخفف!! والصلاة بعدم الالتفات للوساوس لا أرتاح لها فأحس بأن صلاتي ناقصة .. جزاكم الله الفردوس الأعلى
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة لما قرأته من أن العودة لما فات لا تجوز، وإنما يأتي بركعةٍ مقيد بكونه ذكر ما فاته وقد بدأ بقراءة الفاتحة من الركعة التالية أما قبل البدء بالقراءة فإنه يرجع إليه وهذا أحد القولين في المسألة، والقول الثاني: وهو الراجح، واختاره العلامة العثيمين في الشرح الممتع أنه إذا نسيَ ركناً في ركعة فإنه يرجع إليه مالم يصل إلى محله من الركعة التالية، فإذا وصل إلى محله من الركعة التالية قامت مقامها، وعليه الإتيان بركعة مكان التي نسيَ منها ركناً.
وأما الرجوع إلى التشهد الأول بعد أن يستتم قائماً فليسَ من هذا الباب لأن التشهد الأول ليس من الأركان، وقد اختلف العلماء في الرجوع إلى التشهد الأول بعد استتمام القيام وقبل الشروع في القراءة فجوزه الحنابلة ومنعه الشافعية، وعلى قول الشافعية وهو الموافق للحديث من فعل هذا عالماً ذاكراً بطلت صلاته.
وأما بالنسبة لمسألتك فالظاهرُ أنكِ مصابةٌ بالوسوسة، نسألُ الله لكِ العافية، وإذا لم تقومي بمحاربة هذا الداء، ومحاولة التغلب عليه فإنكِ توقعين نفسكِ في شرٍ عظيم، وعلاجُ الوسوسة الوحيد هو عدم الالتفات إليها، ولا الاكتراثِ بها، بل عليكِ أن تمضي في صلاتك ولا تلتفتي إلى ما يساورك من وساوس أو شكوك، ولا يلزمك سجود سهو، وانظري الفتوى رقم: 95273، وهذا هو ما نص عليه أهلُ العلم كما في الفتوى رقم: 22408، فمن استرشد بكلامهم وتوجيهاتهم ونصحهم هُديَ إلى الرشد، واعلمي ان الزيادةَ في الصلاة كالنقصِ منها، وأنكِ لا تأثمين إذا طرحتِ الوساوس، بل ستريحين نفسك ديناً ودنيا، بل إننا نخشى عليكِ من الإثم إذا مضيتِ مع وساوسك مع علمكِ أنها أوهامٌ يغلبُ على الظن معها أنكِ تزيدين في الصلاة.
وكونكِ لا ترتاحين مع عدم الالتفات للوساوس في الصلاة هو من تلبيس الشيطان عليك، إذ هذا هو حكم الله في المسألة، ويلزمُ كل مسلم أن ينشرح صدراً بأحكامه تعالى فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء 65 }.
والله أعلم.