السؤال
بينما كنا نصلي المغرب جماعة سجد الإمام سجدة واحدة في الركعة الثانية وجلس للتشهد الأول في البداية ظننا أنه سيسجد ولكن حينما تأخر في السجود نبهه أحد المصلين فسجد وجلس مرة أخرى للتشهد الثاني وبعدها أتى بسجود السهو بعد السلام ولكن بعض المصلين لم يأتوا بسجود السهو مع الإمام فهل ما فعله الإمام والمصلون صحيح؟ أفتونا مأجورين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان هذا الإمام قد سجد السجدة الثانية بعدما ذُكّر، ثم تشهدَ التشهد الأول ثم صلى الثالثة وسجد سجدتين بعد السلام، فما فعله صحيح بلا شك، وسجود السهو في هذه الحالة مشروعٌ في حقه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لكل سهوٍ سجدتان بعدما يسلم. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وهذا الإمام قد نسي فأتى بالتشهد في غير موضعه، وهذه زيادةٌ فيسجد لها بعد السلام كما هو مذهبُ مالك واختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن سجد قبل السلام فلا بأس، والمأمومون الذين سجدوا مع الإمام مصيبون لأنهم امتثلوا ما أمر به النبي صلي الله عليه وسلم في قوله: إنما جُعل الإمام ليؤتم به. متفق عليه.
والذين لم يسجدوا معه مخطئون لمخالفتهم هذا الأمر، وقد أجمع العلماء على وجوبِ متابعة الإمام إذا سجد للسهو، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإِذَا سَهَا الْإِمَامُ ، فَعَلَى الْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ فِي السُّجُودِ سَوَاءٌ سَهَا مَعَهُ، أَوْ انْفَرَدَ الْإِمَامُ بِالسَّهْوِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ.
وَذَكَرَ إِسْحَاقُ أَنَّهُ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ، سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. انتهى..
وأما صلاتهم فمن ترك السجود عمدا فالأحوط أن يعيدها إذ قد ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان الصلاة بترك المأموم متابعة الإمام في سجود السهو عمدا، وذهب آخرون إلى صحة صلاة المأموم لو ترك متابعة الإمام في السجود البعدي.
قال النووي في المجموع: الثانية: يعني من الصورتين اللتين لا يتابع المأموم فيها الإمام في سجود السهو أن يعلمَ بسبب سهو الإمام ويتيقن غلطه في ظنه، بأن ظن الإمام ترك بعض الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه أو جهر في موضع الإسرار أو عكسه فسجد فلا يوافقه المأموم، ثم إذا سجد الإمام في غير الصورتين لزم المأموم موافقته فيه، فإن ترك موافقته عمداً بطلت صلاته. انتهى.
ولهذا قلنا إن الأحوط لهم إعادتها.
والله أعلم.