السؤال
نرجو من فضيلتكم الإجابة على سؤالي: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فان صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله الحديث. هل معنى الحديث أن تارك الصلاة إذا مات لا يقبل منه أي عمل صالح وهل ينفعه استغفار أهله وصدقتهم له أم أن تركه للصلاة يحبط جميع الأعمال أفيدوني بدليل شرعي، علما أن من تركها ليس جاحداً لوجوبها أو حقها وإنما تكاسلاً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه حديث صحيح ثابت رواه الترمذي والنسائي وابن أبي شيبة والبيهقي على اختلاف يسير في الألفاظ عندهم، ولفظ الترمذي: أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك.
وقد يدل على المعنى الذي ذكره السائل من أن تارك الصلاة لا يقبل منه أي عمل صالح لاسيما وأنه جاء في إحدى روايات الحديث.. فإن قبلت منه قبل سائر عمله، وإن ردت عليه رد سائر عمله.. وقد ذكر هذه الرواية الألباني في الصحيحة وقال: أخرجه السلفي في الطيوريات (ق86/1) عن عمرو بن قيس الملائي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قلت: عطية العوفي ضعيف وحسن له الترمذي كثيرا في سننه وذلك محتمل في الشواهد كما هنا.. انتهى.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: .. عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أنه قال: بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل الصلاة، فإن قبلت منه نظر في سائر عمله، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله، فهذا المعنى قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه قد ذكرناها في التمهيد، ومثله لا يكون رأيا وإنما يكون توقيفا، فمن ذلك حديث تميم الداري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته.. الخ. انتهى.
ولكن لا يلزم من هذا كفر تارك الصلاة لأن من حبطت أعماله وفي قلبه مثقال ذرة من الإيمان خرج من النار بإذن الله تعالى كما دلت على ذلك أحاديث الشفاعة، ولهذا استدل بهذا الحديث الجمهور على عدم كفر تارك الصلاة.
قال الشوكاني في نيل الأوطار عن هذا الحديث: وأورده المصنف في حجج من قال بعدم الكفر لأن نقصان الفرائض أعم من أن يكون نقصا في الذات وهو ترك بعضها أو في الصفة وهو عدم استيفاء أذكارها أو أركانها، وجبرانها بالنوافل مشعر بأنها مقبولة مثاب عليها، والكفر ينافي ذلك... انتهى.
والاستغفار لتارك الصلاة والتصدق عنه أو عدم الاستغفار له والتصدق عنه ينبني على خلاف الفقهاء في حكمه هل هو كافر أم مسلم، فمن يراه كافرا كفرا مخرجا من الملة لا يرى جواز الاستغفار له ولا التصدق عنه، ومن يراه عاصيا من جملة عصاة الموحدين جاز عنده الاستغفار لتارك الصلاة والتصدق عنه.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 103984، والفتوى رقم: 58578، والفتوى رقم: 109083.
والله أعلم.