السؤال
أقمت علاقة مع فتاة وبعد مرور أكثر من عام تبين أنها مسيحية, وأنا لم أسالها عن ديانتها لأن اسمها من الأسماء المشتركة ولا أستطيع الابتعاد عنها, وطلبت منها أن تعتنق الإسلام فرفضته, وكان تعليل الرفض هو أن المسيحية دين محبة وتسامح، وأنها قالت: إنه موجود في الإنجيل أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم ولكن مكتوب في القرآن الكريم: قابل الإساءة بالإساءة، وقالت: إن استطعت أن تثبت عكس ذلك فأنا على استعداد أن أغير مذهبي إلى الإسلام، وهذا ما قالت، أرجو إرشادي ماذا أفعل؟ وأرجو أن ترشدني إلى الآيات القرآنية التي تدعو إلى المحبة، وخاصة محبة الأعداء، فأنا لم أستطع الابتعاد عنها... ولكم مني كل شكر واحترام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم يا أخي أن وسائل التبشير كثيرة، ويستخدمون معها وسائل متعددة، أقواها استخدام النساء وبعض المغريات للشباب الضائع الذي لم يتعرف على دينه، تبدأ الفتاة بإلقاء الشبهات، ومما يؤكد هذا أن هذه الفتاة استمرت معك هذه المدة الطويلة وهي لم تقل لك إنها مسيحية، بل لم يظهر عليها شيء يدل على هذا، وبعد أن تأكدت أنك في شباكها قالت إنها مسيحية، ثم ألقت عليك هذه الشبهة التي جعلتك تسأل عنها -المحبة للأعداء-، وهل تظن أنك إذا أحببتها ستسلم؟ لا يا أخي إن عندها أسئلة أخرى كثيرة - وهي تافهة كسؤالها السابق - لكن من يجهل دينه سيقع في الحيرة مرات ومرات.
ثم اعلم أن الإسلام جاء ليحكم بين الناس، فأعطى القواعد العامة التي تقام عليها أسس المجتمعات، فأقام العدل بين الناس حتى مع الأعداء، قال تعالى: وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {المائدة:8} ، وقد حث على العفو والإحسان لمن أساء، فقال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {الأعراف:199} وقال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}.
ودعا الإسلام إلى مقابلة السيئة الحسنة قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ. {المؤمنون:96}.
وقال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
وأباح الإسلام مكافأة السيئة بمثلها لكن رغب بالعفو والإصلاح، فقال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40}.
و ما ذكرته هذه المرأة هل يصلح أن يقيم العدل بين الناس، أم هو الخنوع والذلة، وفتح الباب للفسقة والفجرة للجرأة على الصالحين حتى يقال عندهم: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، من سرق قميصك فأعطه: إزارك، فسبحان الله! كيف تضيع الحقوق، وتنتهك الحرمات، ونبارك لهؤلاء السراق بل نزيدهم طغياناًً فهل هذا عقل، وهل ترضى هذه الفتاة لأحد أن يضربها على وجهها ثم تدير له الجانب الآخر ليصفعها عليه ؟
فننصحك أولا بالتوبة إلى الله تعالى من علاقتك بهذه الفتاة، وأول شروط التوبة منها قطع العلاقة بها فورا مع الندم على مافات والعزم على عدم العود لها في المستقبل، وعليك أن تتجنب الاستماع إلى شبهات أهل الكفر والضلال فإنها قد تجلب الضرر الكبير على من ليس له رسوخ في العلم.
ونسأل الله أن يهدينا وإياك إلى سبل النجاة وإلى الصراط المستقيم.
والله أعلم.