السؤال
متزوجة وغرني زميل في العمل فزنيت، أعرف أنه من الكبائر, لست بساقطة, بل العكس أخاف الله وأسعى لإرضائه بكل ما أستطيع طالما وضعت حداً للحرام، أسعى لطلب مغفرة الله, فهل من كفارة لخطئي، ساعدوني يرحمكم الله؟
متزوجة وغرني زميل في العمل فزنيت، أعرف أنه من الكبائر, لست بساقطة, بل العكس أخاف الله وأسعى لإرضائه بكل ما أستطيع طالما وضعت حداً للحرام، أسعى لطلب مغفرة الله, فهل من كفارة لخطئي، ساعدوني يرحمكم الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد ارتكبت إثماً عظيماً وفعلت منكراً كبيراً تشمئز منه النفوس السوية وتأباه الفطر السليمة ويندى له جبين الأحرار، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإسراء:32}، لا سيما وأنت قد أحصنت بزوج قد ائتمنك على نفسك فلم تراع هذه الأمانة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}، ولا شك أن الزنا جريمة خطيرة لها أثارها السيئة على الفرد والمجتمع، ولذلك توعد الله فاعلها بالعذاب والخزي في الدنيا والآخرة.. ورغم ذلك فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه من تاب توبة صادقة فإن الله يقبل توبته ويعفو عنه، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا* وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان}، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}،
فعليك بالمبادرة إلى التوبة الصادقة وذلك:
أولاً: باستشعار الندم على الوقوع في هذه الفعلة الشنيعة، والإحساس بالحياء من الله الذي سترك بحلمه فلم يفضحك في الدنيا وأتاح لك فرصة التوبة قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم وتنكشف فيه السرائر وتبدو فيه السوءات والفضائح.
وثانياً: بالعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه وعدم مجاراة الشيطان في خطواته، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي الذي أمر الله المرأة به، وتجتنب التعطر عند الخروج، وتتجنب مزاحمة الرجال والخلوة مع غير المحارم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. البخاري ومسلم.
ومن تمام ذلك أن تقطعي صلتك بهذا الرجل تماماً، وعليك بغض البصر، لقوله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّْ {النور:31}، وتجنب مشاهدة ما يغضب الله سواء في التلفاز أو الصحف والمجلات، وتجنب رفيقات السوء اللاتي لا يذكرنك بالله.
وثالثاً: صدق الاعتصام بالله والاستعانة به والتوكل عليه أن يصرف عنك السوء، قال تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ {يوسف: 33}، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة وتحصيل الحسنات الماحية، من طاعة الزوج وبر الوالدين وصلة الرحم والصلاة بالليل والصدقة والصيام وكثرة الذكر والدعاء.. نسأل الله لنا ولك التوفيق للتوبة النصوح والعصمة من الزلل، وأن يستر عوراتنا وعورات المسلمين.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني