السؤال
لقد قمت بممارسة اللواط منذ الصغر, وبعد أن تزوجت ابتعدت عن هذه العادة السيئة وأنا الآن والد لبنتين ...قبل مدة 4 شهور وسوس لي الشيطان ومارست اللواط..أنا الآن عاهدت ربي ووضعت يدي على القرآن الكريم بأن لن أعود لهذا الشيء السيء ولكن الآن أنا أعاني نفسيا وأفكر في الانتحار وأفكر أن أقيم القصاص على نفسي بأن أرمي بنفسي من فوق بناية لأني قرأت أن هذا هو الحكم على من يقوم باللواط, أنا أعاني نفسيا فأفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيرا, وأيضا اخبرني صديق بأن من يمارس اللواط وهو محصن أي متزوج تحرم عليه زوجته هل هذا صحيح؟ فانا شبه مريض نفسيا الآن وأتمنى مساعدة أهل العلم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، لكن الإنسان إذا تاب توبة نصوحاً من أي ذنب مهما عظم، فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أن يقبل توبته،، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا }الفرقان: 68-71}
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر 53}
لكن شرط قبول التوبة، الإقلاع عن الذنب، والندم، والعزم على عدم العود إلى الذنب، ويتأتى ذلك بالاستعانة بالله عز وجل و التوكل عليه والتعرف على أسمائه وصفاته، والتفكر في نعمه، وتذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وتجنب صحبة العصاة والغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، وكثرة الذكر والدعاء، وشغل الفراغ بالأعمال النافعة.
أما إقدامك على قتل نفسك بإلقائها من شاهق، بناء على قول من قال: إن هذه عقوبة اللواط في الدنيا، فإن ذلك غير جائز، فإن إقامة الحدود أمرها إلى الإمام، وأما إقامتك الحد على نفسك فهو قتل لنفسك وانتحار، ومعلوم حرمة ذلك وما جاء فيه من الوعيد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. رواه البخاري ومسلم.
بل ينبغي على الإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ " رواه مالك في الموطأ.
أما ما أخبرك به صديقك أن من فعل اللواط وهو محصن فإن زوجته تحرم عليه، فهذا غير صحيح ولا دليل عليه.
وعليك أن تجاهد نفسك وتبتعد عن البيئة التي كانت سببا في وقوعك في هذه الفاحشة، وتسعى لكل ما يقربك إلى الله، وتحذر من اليأس، فإنه بغية الشيطان، وهو أمر مناف للإيمان، قال تعالى: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56} وقال تعالى: ... وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف 87}
نسأل الله لنا ولك الهداية والرشاد.
والله أعلم.