السؤال
ما حكم الزواج عند الاحتضار عند الأئمة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف الفقهاء في الزواج عند الاحتضار فذهب الجمهور إلى جوازه وصحته إذا وقع؛ وذهب المالكية إلى عدم جوازه وعدم صحته. ومنهم- أي المالكية- من أجازه حال الاحتياج إليه أو حصول إذن من الورثة،
والجمهور يرون مع الجواز اعتبار ما حصل من محاباة في المهر من وضع أو زيادة محسوبا من الثلث أي يعتبرونه وصية.
قال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق وهو حنفي: وَمُحَابَاتُهُ يَعْنِي فِي مَرَضِهِ وَصِيَّةٌ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَالْمُحَابَاةُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَأَطْلَقَ الْمُحَابَاةَ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ.
وجاء في المجموع للنووي: قال الشافعي: ويجوز نكاح المريض. قلت:إذا تزوج إمرأة صح نكاحها ولها الميراث والصداق إن لم يزد على صداق مثلها، فإن زاد ردت الزيادة إن كانت وارثة، وأمضيت ان كانت غير وارثة، وهكذا المريضة إذا نكحت رجلا صح نكاحها وورثها الزوج، وعليه صداقتها إن كان مهر المثل فما زاد، فإن نكحته بأقل من صداق مثلها، فالمحاباة بالنقصان وصية له فترد إن كان الزوج وارثا وتمضى في الثلث ان كان غير وارث.
وقال مالك: نكاح المريض فاسد لا يستحق به ميراثا.اهـ.
وَسُئِلَ ابن تيمية – كما في مجموع الفتاوى- عَنْ مَرِيضٍ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ: فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ ؟
فَأَجَابَ: نِكَاحُ الْمَرِيضِ صَحِيحٌ تَرِثُ الْمَرْأَةُ فِي قَوْلِ جَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَهْرَ الْمِثْلِ ؛ لَا تَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ
وأما المالكية فجاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا نِكَاحُ الْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ الْوَارِثِ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. قَالَ خَلِيلٌ: وَهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ أَوْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ خِلَافٌ. قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا. اهـ
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل: اُخْتُلِفَ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مُحْتَاجًا إلى النِّكَاحِ لِخِدْمَةٍ، أَوْ اسْتِمْتَاعٍ، أَوْ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ وَهَذَا الْقَوْلُ جَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمَشْهُورَ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ الْمَرِيضُ إلى النِّكَاحِ. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني