الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاقتراض من موظف في بنك ربوي والمضاربة بالقرض

السؤال

جزاكم الله عنّا كل خير وبعد، لي صديق حميم يعمل في بلد آخر في بنك ربوي، طلبت منه مبلغ خمسة عشر ألف دينارا سلفة إلى حد معلوم ثلاثين يوماً لاستخدام المبلغ في تجارتي، وعند انقضاء المدّة أخبرته أنني أعتزم إعادة المبلغ له، فقال إنه لا يريد المبلغ الآن وطلب الاحتفاظ بهذا المبلغ لحين انتهاء إقامته في هذه البلد، وذلك لاطمئنانه من ناحيتي، فقلت له إذن لن يبقى المبلغ كسلفة، سوف أقوم بتشغيل المبلغ لك، فوافق على ذلك، وبعدها راجعت نفسي خوفا من أكون قد ارتكبت معصية باستخدام مال صديقي الذي جمعه من راتبه في البنك الربوي، فأرجوكم أفيدوني فهل الاقتراض من موظف البنك جائز، وهل إشراك صديقي في تجارتي جائز مع علمي بأن ماله هو راتبه من البنك الربوي، بارك الله فيكم، أنا في حيرة من أمري؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يجوز أن يكون رأس المال في المضاربة أو الشركة ديناً في الذمة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يصح أن يجعل الأخ السائل الدين الذي عليه رأس مال لصديقه يضارب به أو يستثمره في تجارته لأن من شروط المضاربة أو الشركة أن يكون رأس المال نقداً حالاً يمكن التصرف فيه في الحال، جاء في المغني قال ابن قدامة: ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولاً ولا جزافاً... ولا يجوز بمال غائب ولا دين لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال، وهو مقصود الشركة. وجاء فيه أيضاً: مسألة: قال: (ولا يجوز أن يقال لمن عليه دين: ضارب بالدين الذي عليك) نص أحمد على هذا، وهو قول أكثر أهل العلم، ولا نعلم فيه مخالفاً، قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة، وممن حفظنا ذلك عنه: عطاء والحكم وحماد ومالك والثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وبه قال الشافعي.. لأن المال الذي في يدي من عليه الدين له، وإنما يصير لغريمه بقبضه ولم يوجد القبض ها هنا.

قال مهنا: سألت أحمد عن رجل قال: أقرضني ألفاً شهراً، ثم هو بعد الشهر مضاربة؟ قال: لا يصلح، وذلك لأنه إذا أقرضه صار ديناً عليه. انتهى.

وعليه فإذا أردت أن تكون مضاربتك في مال صديقك هذا صحيحة فيجب أن تتوفر فيها الشروط التالية:

1- أن تُخرج هذا الدين من ذمتك ولا يكون ذلك إلا إذا قبضه الدائن ولو عبر وكيل.

2- عدم ضمان رأس المال على المضارب إلا في حالتي التعدي أو التفريط.

3- معرفة رأس مال المضارب (السائل) قبل خلطه برأس مال صديقه، لأن الشركة تقتضي المفاصلة ولا مفاصلة بدون الرجوع إلى شيء معلوم.

4- أن تكون حصة كل منكما من الربح حصة مشاعة كالثلث والربع ونحو ذلك.

وإذا كان لصديقك مال آخر غير راتبه من البنك الربوي فتجوز لك معاملته على الوجه الذي قدمناه، لأن ماله مشترك بين الحلال والحرام، وهذا ما لم تتأكد من أن ما وصل إليك هو من عين ماله الحرام أو يغلب ذلك على ظنك، فإن تأكدت من ذلك أو غلب على ظنك لم تجز لك معاملته فيه بأي وجه من أوجه المعاملة ولو كانت مجرد اقتراض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني