السؤال
قرأت فتوى لكم عن شرح حديث (إن الله جميل يحب الجمال) الفتوى رقم: 103439.كيف نوفق بين أمر النبي عليه الصلاة والسلام، وفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أنه كان يرقع ثوبه وهو أمير المؤمنين، وأيضا كيفية توجيه قول عمر رضي الله عنه المروي في الموطأ لمن كان يراه يأكل اللحم: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
الموضوع مختلف فيه بين أهل العلم، ولعل عمر -رضي الله عنه- يميل إلى التقليل من الدنيا؛ لخبر سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحبا للإيثار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
اعلم أن هذا الموضوع محل خلاف بين أهل العلم، فقد جاء في الموسوعة الفقهية:
وقد اختلف في ترك الطيبات والإعراض عن اللذات, فقال قوم: ليس ذلك من القربات, والفعل والترك يستوي في المباحات. وقال آخرون: ليس قربة في ذاته وإنما هو سبيل إلى الزهد في الدنيا, وقصر الأمل فيها, وترك التكلف لأجلها, وذلك مندوب إليه, والمندوب قربة... وقال آخرون: تمكين النفس من لذاتها أولى لما فيه من ارتياحها ونشاطها بإدراك إرادتها. وقال آخرون: بل التوسط في ذلك أولى؛ لأن في إعطائها ذلك مرة ومنعها أخرى جمعا بين الأمرين. انتهى.
ولعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ممن يرى أفضلية التقليل من متع الدنيا؛ لما سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في الصحيحين عنه -رضي الله عنه- في حديث طويل يقول فيه: ... فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبا ثلاثة. فقلت ادع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك، فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالسا ثم قال أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا. فقلت استغفر لي يا رسول الله... الحديث.
وينضاف إلى هذا أنه -رضي الله عنه- كان يحب الإيثار، ويدل لذلك حديث الموطأ الذي أوردته أنت، حيث يقول فيه: ... أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره أو ابن عمه! أين تذهب عنكم هذه الآية: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها؟.
والله أعلم.