الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشيطان يريد العذاب النفسي للعبد وصرفه عن التوبة

السؤال

أذكر ذات مرة حين كنت طفلا في الـ 9 كنت أستحم وعبثت بذكري فشعرت بحرقة نزول شيء مني فخفت وامتنعت ظنا مني بأن هذا تأثير الصابون على ذكري، ولم ينزل شيء (منيا)، ولكن وأنا في 12 من عمري كانت فتاة تلهو معي فأمسكت ذكري وطلبت مني أن أعلوها وكانت لا ترتدي إلا لباسا يستر فرجها فما كدت أن أمس ملابسها الداخلية حتى خفت وجريت وخرج مني سائل على سبيل الشهوة مع الدفق ولكن بلون غير الأبيض (أي كان شفافا غليظ القوام) حيث كانت المرة الأولى التي أرى فيها هذا السائل، فهل هذا يعد منيا، وهل أكون قد بلغت من حينها، وما حكمي الآن هل أنا كنت بالغاً حينها فيجب أن أعاقب، كنت قد نسيت هذا الموضوع تماما ولكن عدت أفكر فيه الآن بعد 11عاما وتحديداً بعد أن ارتكبت معصية التشبه بالنساء في العام الماضي بسبب مرض نفسي، حيث كانت أمي في صغري تتهمني بعدم الرجولة وكانت تلفت انتباهي إلى كبر حجم أردافي، فكنت أظهر لها عدم اهتمامي لكن في الواقع كنت أصدق ما تقول، والمعصية أني تعمدت إدخال اللبوس وما شابه من الجمادات في دبرى من غير ما ضرورة، حيث كان الشيطان يصور لي أني لست كامل الرجولة، أما والآن وقد امتنعت تماما، لكني أشعر بذنب عظيم يعطلني عن التفكير الصحيح بالله، حيث يوسوس لي بأنى من مرتكبي الكبائراللوطيين، فأقنعت نفسي بأن ما وقع مني ذنب دون الكبيرة، يرجى غفرانه، ولكن أحسست بضعف شديد ذهبت معه رجولتي وعفتي بسبب إدخال الجماد في دبري، فلما بدأت أتخطى المشكلة، لأدري كيف عاد موضوع آخر بالظهور بعد 11 عاما وبصورة ملحة غير طبيعية ووسوس لي الشيطان بأني من الزناة، وكنت فيما مضى مطمئن أني لست منهم، وأنا أحاول إقناع نفسي بأني نجوت من الكبيرة ولكن وقعت مقدماتها في الصغر، إلا أنني إلى الآن لم أنجح.... وتأتيني أحيانا نوبات من ضيق التنفس غير الطبيعية، فوسوس لي الشيطان بأن هذا عقاب من الله، فذهبت إلى الأطباء فقال لي أحدهم إن هذه أعراض حب وعشق, وآخر قال هو اضطراب نفسي وآخر قال اكتئاب ووسواس قهري، وكنت تقريبا أشبه الإنسان الضائع، حاولت استعادة رجولتي خصوصا أني لا أجرؤ على المواجهة الاجتماعية بالشكل المثالي الذي أتصوره، حتى كنت أتصور خوفي من الناس هو لضعف ديني كما كانت تقول لي أمي، بأني لست من الأسوياء أنا حالتي الآن تسمح لي بالاتزان والحمد لله، ولكني أتناول دواء وصفه لي الطبيب يقول بأني مصاب بالوسواس القهري وأرى أعراضه بالفعل، ولكن عاد الشيطان يوسوس لي من جديد أن الدواء يعد هروبا من المعاصي التي ارتكبتها، أو أن المرض بسبب المعاصي، فأنا أتصرف أحياتا مصدقا لما يجول في خاطري فأشعر بالخزي الشديد، وأحيانا أرفضه ولكن بعدها أنتكس، وأرى أني لست مناسبا للزواج وإلا أكون خادعا لبنات الناس، وأخاف من كوني لن أوف الزوجة حقها في الجماع، السؤال كيف أفرق بين ماهو عقاب أو مرض نفسي أو وساوس من الشيطان، وما كفارتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله لك الشفاء العاجل من هذا الوسواس، وأن يمن عليك بالتوفيق والسداد والثبات على الخير، وننبهك إلى أنا كنا قد بينا من قبل كيف يمكن للمرء أن يطرد عن نفسه الوسواس القهري، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 11752.

وليس من شك في أن أمك -عفا الله عنها- قد أخطأت في قولها لك إنك لست من الأسوياء، وفي اتهامها لك بعدم الرجولة، ولفت انتباهك إلى كبر حجم أردافك.. فهذه الأقوال كان لها أثر -فيما يبدو- فيما لحقك من شك في رجولتك، وفي تنمية هذا الوسواس عندك.

ورداً على ما طرحته من أسئلة فإن المني يخرج غالباً عند الشهوة الكبرى في النوم واليقظة، ويخرج بتدفق وقوة، وبعد ما ينتهي يشعر صاحبه باسترخاء وفتور... وله رائحة كرائحة طلع النخل أو العجين، والذي نرجحه هو أن السائل الذي قلت إنه قد خرج منك على سبيل الشهوة مع الدفق، وقلت إنه كان غليظ القوام... هو مني، وإذا كان الأمر كذلك فإنك به تكون قد بلغت.

ولكنه لا يلزم أن تعاقب بهذا الفعل الذي صدر منك، وإنما يجب أن تتوب منه فقط، كما يجب أن تتوب من جميع ما قلت إنك قد ارتكبته من الذنوب، والتوبة كفارة لجميع الذنوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الشريف، وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم؛ إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.

واعلم -هدانا الله وإياك- أن هذه الوسوسة التي قلت إن الشيطان يلح عليك بها، يريد إقناعك بأنك من الزناة، وأن الدواء يعد هروباً من المعاصي التي ارتكبتها، أو أن المرض هو بسبب المعاصي، أو أنك لست مناسباً للزواج، وإن فعلت تكن خادعاً لبنات الناس... وخوفك من أن لا توفي الزوجة حقها في الجماع إلى غير ذلك من الوساوس الكثيرة... إنما هي مكايد للشيطان يريد منها صرفك عن التوبة وعن الخير والراحة النفسية، فأبعد نفسك عنها، ولا تطع الشيطان في إتعابك وتكدير صفو عيشك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني