السؤال
الرجاء ترتيب العبادات حسب الأفضل لأنني أريد الثواب الكبير ولا أعرف الترتيب؟ وجزاكم الله خيراً.
الرجاء ترتيب العبادات حسب الأفضل لأنني أريد الثواب الكبير ولا أعرف الترتيب؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فترتيب العبادة حسب الأفضلية متعذر، فالعبادة تنقسم إلى عبادة قلبية وعبادة بدنية وعبادة قلبية وبدنية معاً كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 95226.
فأفضل العبادات على الإطلاق شهادة التوحيد، وأفضل العبادات البدنية الصلاة على القول الراجح، ثم اخْتُلِف في ترتيب باقي أركان الإسلام حسب الأفضلية.
ففي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: وأفضل عبادات البدن بعد الشهادتين الصلاة ففرضها أفضل الفروض ونفلها أفضل النوافل، ولا يرد طلب العلم وحفظ القرآن لأنهما من فروض الكفايات، ويليها الصوم فالحج فالزكاة على ما جزم به بعضهم، وقيل أفضلها الزكاة وقيل الصوم وقيل الحج وقيل غير ذلك. انتهى.
وقال النووي في المجموع: فالمذهب الصحيح المشهور أن الصلاة أفضل من الصوم وسائر عبادات البدن، وقال صاحب المستظهري في كتاب الصيام: اختلف في الصلاة والصوم أيهما أفضل؟ فقال قوم: الصلاة أفضل، وقال آخرون: الصلاة بمكة أفضل والصوم بالمدينة أفضل، قال: والأول أصح. انتهى.
وقد ثبتت أفضلية بعض الطاعات في بعض الأحاديث الصحيحة وقد حُمِل ذلك على أنه إجابة مخصوصة لسؤال مخصوص تناسب حال كل سائل وما يليق به، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل، قال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله.
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: وسؤاله عن أفضل الأعمال طلباً لمعرفة ما ينبغي تقديمه منها، وحرصاً على علم الأصل، ليتأكد القصد إليه وتشتد المحافظة عليه، و"الأعمال" ها هنا لعلها محمولة على الأعمال البدنية، كما قال الفقهاء: أفضل عبادات البدن الصلاة. واحترزوا بذلك عن عبادة المال، وقد تقدم لنا كلام في العمل: هل يتناول عمل القلب، أم لا؟ فإذا جعلناه مخصوصاً بأعمال البدن، تبين من هذا الحديث: أنه لم يرد أعمال القلوب، فإن من عملها ما هو أفضل، كالإيمان.
وقد ورد في بعض الحديث ذكره مصرحاً به أعني الإيمان، فتبين بذلك الحديث أنه أريد بالأعمال ما يدخل في أعمال القلوب، وأريد بها في هذا الحديث ما يختص بعمل الجوارح، وقوله "الصلاة على وقتها" ليس فيه ما يقتضي أول الوقت وآخره، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت خارج الوقت قضاء. وأنها لا تتنزل هذه المنزلة، وقد ورد في حديث آخر "الصلاة لوقتها" وهو أقرب لأن يستدل به على تقديم الصلاة في أول الوقت من هذا اللفظ، وقد اختلفت الأحاديث في فضائل الأعمال، وتقديم بعضها على بعض، والذي قيل في هذا: إنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص، أو من هو في مثل حاله، أو هي مخصوصة ببعض الأحوال التي ترشد القرائن إلى أنها المراد، ومثال ذلك: أن يحمل ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم من قوله: ألا أخبركم بأفضل أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم؟. وفسره بذكر الله تعالى على أن يكون ذلك أفضل الأعمال بالنسبة إلى المخاطبين بذلك، أو من هو في مثل حالهم، أو من هو في صفاتهم، ولو خوطب بذلك الشجاع الباسل المتأهل للنفع الأكبر في القتال لقيل له "الجهاد" ولو خوطب به من لا يقوم مقامه في القتال ولا يتمحض حاله لصلاحية التبتل لذكر الله تعالى، وكان غنياً ينتفع بصدقة ماله لقيل له "الصدقة" وهكذا في بقية أحوال الناس، قد يكون الأفضل في حق هذا مخالفاً في حق ذاك، بحسب ترجيح المصلحة التي تليق به. انتهى.
فهذا كلام نفيس فتدبره تنتفع به، واحرص على الاستزادة من الخير، وننصحك بالمحافظة على الفرائض فإنها أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى ثم الإكثار من نوافل الطاعات، واضرب في كل باب منها بسهم، وابتعد عن كل ما نهى عنه الشرع وحذر منه، فذلك طاعة من أفضل الطاعات.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني