الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النصح والدعاء والمصاحبة بالمعروف للأبوين الفاسقين

السؤال

أنا أعاني من والداي, بمعنى أن أبي وأمي ليس لهم علاقة بالدين الإسلامي مع أننا عائلة مسلمة والحمد لله ولكن كل تصرفات أمي وأبي تدل على غير ذلك حيث إن أمي أخذتها الدنيا وما فيها من مظاهر خاطئة من ترك الحجاب والتبرج وعدم الصلاة وعدم قراءة القرآن وأمور كثيرة أيضا، والمشكلة الأكبر أني لدي أخت أصغر مني وهي لازالت بالمرحلة الإعدادية وتدرس بمدارس أجنبية وطبعا كلنا يعرف ما هي هذه المدارس,أما بالنسبة لأبي فنفس حال أمي مع أن أبي كان في وقت من الأوقات يصلي ويذكر الله قليلا وانقطع عن الصلاة من أول امتحان أصابه من الله وعاد أسوأ من قبل للأسف حتى أنني حين أكلمه عن الآخرة والحساب يقول لي وما أدراك بهذا كيف عرفت أن هناك آخرة"أستغفر الله".
نحن أربعة أولاد أنا وأختي الكبيرة متزوجان والحمد لله نصلي وملتزمان ولكن الخوف على إخواني الصغار اللذين هما وكما ذكرت أختي بالمدرسة وأخي بالجامعة.
هذا شرح مختصر لحال أهلي, هناك أمور كثيرة أخرى أراها من أبي وأمي لا أستطيع أن أتحملها وأخشى دائما من هذه التصرفات لعدم مبالاتهم بالحلال والحرام للأسف الشديد حتى أنني أخشى أن آكل وأشرب عندهم من خوفي من الحرام , وأمي دائما تطلب مني أن أعطيها نقودا كي تقوم بصرفها على الأمور الدنيوية من ملابس غير محتشمة لأختي ولها وأحس أني أشارك معهم بهذه الأمور إذا أعطيتها وينالني الإثم مع العلم أني دائم التكلم والنصح لأهلي بالإضافة للدعاء المستمر لهم بالهداية حتى وصلوا لمرحله لا يطيقوني من كثرة تكلمي عن الدين والحلال والحرام ويحبون ابن عمي وزوجته أكثر مني طبعا لأنهم مثل حالهم للأسف الشديد كل هذه الأمور تضايقني دائما بالذات حين أفكر ماذا سوف يحدث لهم عند ملاقاة الله وكيف سوف يكون عذابهم إذا لم يتوبوا إلى الله وكيف سوف أستطيع السيطرة عليهم في حال لو لا سمح الله حدث مكروه لأبي بالذات أختي وأمي فأنا عكسهم تماما ودائما أخشى من عقاب الله لي على حالهم التي هم فيها فدائما أحس نفسي مقصرا من ناحيتهم و كل ما أزورهم أخرج من عندهم وقلبي يعتصر من الذي هم عليه حتى أنني صرت أكره زيارتهم حتى لا أراهم بهذه الحال. ماذا أفعل فهم والداي اللذين قال لله فيهم "وبالوالدين إحسانا" كيف أتصرف معهم في مثل هذه الحالة وكيف أتعامل معهم وكيف أنصحهم، أرجو أن أجد ردا على كل هذه الأمور لأنه موضوع يضايقني دائما وأصبح يؤثر على حياتي. و جزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن ما ذكرته عن أبويك من الابتعاد عن الدين... كترك الصلاة والحجاب، وكالتبرج...وعدم المبالاة بالحلال والحرام...

وأكبر من جميع ذلك ما ذكرته عن أبيك حين تحدثه عن الآخرة فيقول: وما أدراك بهذا كيف عرفت أن هناك آخرة!...

نقول: إن جميع ما ذكرته عن أبويك وعمن يمشي على منوالهما من بقية أفراد أسرتك هو وضع –في الحقيقة- يرثى له، فإن كان أبوك يشك في الآخرة فهذا كفر والعياذ بالله.

وتركهما للصلاة إن كان إنكارا لوجوبها فهو كفر صريح أيضا، وكذا إن كانا يتركانها بالكلية على قول رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 17277.

وعلى أية حال، فإنهما والداك ويجب عليك برهما، وقد أمر الله تعالى بمصاحبتهما في الدنيا معروفا إذا كانا مشركين يجاهدان ابنهما على أن يشرك بالله تعالى. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15}. وعليك أن تستمر في النصح والدعاء لهما، فإن لك في ذلك أجرا كثيرا عند الله.

ولا تساعد أمك في شراء المسائل المحرمة، وترفق في صرفها عن ذلك.

ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على دينه وأن يكلل مساعينا بالنجاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني